للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ما يفتح لهم أبواباً للطلاق، ويعفيهم من أن يلجأوا إلى القتل أو الانتحار للخروج من هذا السجن.

وهذه الظاهرة - وهي السير في الأحوال الشخصية وفق قانون مدني يختلف عن تعاليم الدين - لا تكاد توجد في غير شعوب الغرب المسيحي، فجميع أهل الملل والنحل الأخرى حتى البرهميون والبوذيون، والوثنيون، والمجوس، يسيرون في أحوالهم الشخصية وفق تعاليم دياناتهم.

وقد نجد من بينهم من استحدث في الأحوال العينية قوانين مدنية تختلف عن تعاليم دينه، ولكننا لا نكاد نجد من بينهم من استحدث قوانين مدنية في الأحوال الشخصية، أي في شئون الزواج والطلاق، وما إلى ذلك ... وأمكن لهذه النحل والملل أن تساير الحياة العملية، وتجاري طبيعة البشر في هذه الشئون، والمسيحيون وحدهم هم الذين كفروا بدينهم من الناحية العملية في الأحوال الشخصية على العموم، وفي شئون الطلاق على الخصوص، لأنهم هم أنفسهم قد وجدوا أن تعاليمه في هذا الصدد تنكر الواقع، وتتجاهل طبيعة الإنسان، ولا تصلح للتطبيق في الحياة.

ولم يستطع رجال الدين المسيحي سبيلاً إلى صد هذا التيار، ولا الوقوف في وجه المنطق والعقل وضرورات الحياة الإنسانية، فتركوا الأمور تجرى في أعنتها، واكتفوا بأن يظهروا من حين إلى حين على مسرح الحوادث حينما يتعلق الأمر بملك أو عظيم، وحينما تكون الظروف السياسية مواتيه لظهورهم، كيما يثبتوا وجودهم، وكيما يبقوا على شيء من سلطانهم الديني، كما حدث في موضوع ملك إنكلترا الأسبق "إدوارد الثامن" الذي أراد أن يتزوج

<<  <   >  >>