للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يريبه خوف ما يريبه. وإنما أشهد عليه عمر لأنه أراد ألا ينسبه أحد لم يعرف باطن الأمر إلى منع حكيم من حقه (فلم يرزأ حكيم أحداً من الناس بعد النبيّ حتى توفي) قال الحافظ في «الفتح» : زاد إسحاق بن راهويه في «مسنده» من طريق عبد الله بن عمرو مرسلاً أنه ما أخذ من أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا معاوية ديوناً ولا غيرها حتى توفي لعشر سنين من إمارة معاوية. قال السيوطي في «التوشيح» : وفيه أن سبب سؤاله العطاء أن النبي أعطاه دون ما أعطى أصحابه فقال: يا رسول الله ما كنت أظن أن تقصرني دون أحد من الناس، فزاده ثم استزاده حتى رضي فذكر نحو الحديث اهـ (متفق عليه) أخرجه البخاري في الوصايا وفي الخمس وفي الرقاق: قلت: وفي الزكاة، أخرجه مسلم في الزكاة إلى قوله: واليد العليا خير من اليد السفلى. ورواه الترمذي في الزهد وقال: صحيح، والنسائي في الزكاة والرقاق اهـ ملخصاً من «الأطراف» (يرزأ أبراء ثم زاي ثم همزة) بوزن يسأل (أي لم يأخذ من أحد شيئاً) أي مجاناً كما يدل عليه قوله: (وأصل الرزء النقصان) وما بذل عوضاً لا نقص على باذله، وفي «النهاية» وأصله النقص، وكأن الشيخ رحمه الله نبه بزيادة النون على اعتبار المبالغة في

مفهومه وقوله: (أي لم ينقص أحداً شيئاً بالأخذ منه) تفسير لقوله آخر الحديث: فلم يرزأ حكيم أحداً من الناس (وإشراف النفس) بالمعجمة (تطلعها وطمعها بالشيء) وأصله أن تضع يدك على حاجبك وتنظر كالذي يستظلّ من الشمس حتى يستبين الشيء، وأصله من الشرف وهو العلوّ كأنه ينظر إليه من موضع عال (وسخاوة النفس) وفي «المصباح» السخاء بالمد: الجود والكرم، وفي الفعل ثلاث لغات سخا من باب علا فهو ساخ، وفي الثانية سخى يسخي من باب علم والفاعل سخ منقوص، والثاثة سخو يسخو كقرب يقرب سخاوة فهو سخي بتشديد الياء اهـ. فيؤخذ منه أن سخاوتها كرمها وجودها وقول المصنف (هي عدم الإشراف والطمع فيه والمبالاة به والشره) أخذه من مقابلتها بالإشراف المفسر بضد ذلك وهو نتيجة ما قلنا، فإن النفس الكريمة هذا شأنها في الدنيا غير مختلفة بجمعها ولا مشتغلة بحفظها ومنعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>