للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجبار في صفة الإنسان يقال لمن تجبر بمعصية بادعاء منزلة من التعالي لا يستحقها، ولا يقال إلا على طريق الذم نحو {وخاب كل جبار عنيد} (إبراهيم: ١٥) ويقال للقاهر غيره جبار نحو {وما أنت عليهم بجبار} (ق: ٤٥) اهـ. قلت: والأنسب هنا المعنى الأول بقرينة قرينه وهو (والمتكبرون) وأنه جاء عند أبي هريرة «أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين» كما سيأتي، ويحتمل المعنى الثاني ويراد يجبر غيره على الباطل فيكون مذموماً إذ الجبر على الحق لمن تمكن منه محمود، وفي التعبير بصيغة التفعيل إيماء إلى ما تقدم فيما قبله من تكلف المتكبر صفة التكبر وادعائه ما ليس له (وقالت الجنة: فيَّ ضعفاء الناس) جمع ضعيف وألفه ممدودة: أي الخاضعون لله سبحانه المذلون أنفسهم له (ومساكينهم) جمع تكسير لمسكين: أي ذوو حاجاتهم من فقير ومسكين قال الشافعي رضي الله عنه: الفقير والمسكين إذا اجتمعا: أي في الذكر افترقا: أي في المعنى، وإذا افترقا: أي بأن ذكر أحدهما فقط اجتمعا: أي في المعنى بأن يفسر المذكور بما يشملهما (فقضى الله بينهما) أي فصل بينهما قائلاً (إنك) بكسر الهمزة والكاف (الجنة) يجوز رفعه كما رأيته مضبوطاً بالقلم في أصل مصحح من الرياض خبر إن ونصبه بدلاً من الضمير بدل كل، وقوله (رحمتي) خبر إن على الثاني، وعلى الأول خبر بعد خبر، ويكون ذلك الخبر الأول كالموطىء للثاني نحو جاء كما في جاء زيد رجلاً راكباً من الحال الموطئة وضابطها كل جامد موصوف بما يبين الهيئة به، وظاهر أن ما ذكر يجيء في قوله وإنك النار الخ، وجملة (أرحم بك من أشاء) مستأنفة ببيان حكمة إنشائها وإيجارها، ويجوز

كونهاحالاً مما قبلها (وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء) وتقديم الأول على الثاني إيماء إلى سبق الرحمة على العذاب والفضل على العقاب (ولكليكما عليّ ملؤها) أي ما يملؤها من الخلائق (رواه مسلم) في باب صفة الجنة والنار منفرداً به عن باقي السنة، لكن قضية صنيع المصنف أنه ساقه بهذا اللّفظ عن أبي سعيد. والذي في مسلم أنه أورد الحديث عن أبي هريرة من طرق قال في أولها «تحاجت النار والجنة فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، فقالت الجنة: وما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعجزهم، فقال الله للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاى من عبادي، وقال للنار: أنت النار أعذب بك من أشاء

<<  <  ج: ص:  >  >>