للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا لضرورة، فقد قيل إنه ربما كان في الأكل يرابع أصابعه وكان لا يأكل بأصبعين وقال: إن الشيطان يأكل بهما. وما أخرجه سعيد بن منصور من مرسل ابن شهاب «أن النبي إذا أكل يخمس» فمحمول على القليل النادر لبيان الجواز أو على المائع، فإن عادته في أكثر الأوقات هو الأكل بثلاث أصابع. قيل وإنما اقتصر عليها لأنه الأنفع، إذ الأكل بأصبع واحدة مع أنه فعل المتكبرين لا يستلذّ به الآكل ولا يستمري به لضعف ما يناله منه كل مرة، فهو كمن أخذ حقه حبة حبة، وبالأصبعين مع أنه فعل الشيطان ليس فيه استلذاذ كامل مع أنه مفوّت الفردية، والله وتر يحبّ الوتر، والخمس مع أنه فعل الحريص الفجع يوجب ازدحام الطعام على مجراه من المعدة فربما أفسد مجراه فأوجب الموت فوراً وفجأة (فإذا فرغ) أي من أكله (لعقها) بكسر المهملة: أي لحسها لما تقدم ومبالغة في التنظيف (رواه مسلم) في الأطعمة، ورواه أبو داود فيها من «سننه» ، ورواه الترمذي في «الشمائل» ، ورواه النسائي في الوليمة.

٣٧٥٠ - (وعن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله أمر بلعق الأصابع والصحفة) أي ومن النهي عن قرينه السابق في أول الباب، فإن النهي عن الشيء أمر بضده (وقال) مبيناً حكمة الأمر بذلك (إنكم) بكسر الهمزة على الاستئناف البياني ويجوز فتحها على تقدير لام التعليل قبلها (لا تدرون) أي لا تعلمون (في أي طعامكم) أي في أي جزء من أجزائه (البركة) أهي في المأكول أو الباقي بالأصبع أو الباقي بالقصعة ونحوها من اللقمة الساقطة ومن ثم استحب التقاطها كما تقدم، ويأتي دليله في الحديث عقب هذا، والبركة هنا والله أعلم ما يحصل به التغذية وتسلم عاقبته من أذى ويقوي على الطاعة وغير ذلك كما قال المصنف في «شرح مسلم» ، ثم ما علل به من الأمر باللعق في الحديث لا يمنع أن يكون له علة أخرى كما قال الحافظ ابن حجر، فقد تكون العلة هنا أيضاً كما قال عياض: ألا يتهاون بقليل الطعام: أي الباقي في آخر القصعة أو الساقط، وقد تكون العلة أيضاً كما قال ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>