للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشروع واسمها (عينا رسول الله تذرفان) بسكون الذال المعجمة وكسر الراء من باب ضرب: أي تدمعان (فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله) قال الطيبي: فيه معنى التعجب والواو عاطفة على مقدر: أي الناس لا يصبرون وأنت تفعل كفعلهم كأنه تعجب لذلك منه مع عهده فيه أنه يحث على الصبر وينهى عن الجزع (فقال: يا ابن عوف إنها) أي الحال التي شاهدتها منى (رحمة) على الولد، لا ما توهمت من الجزع اهـ. وفي رواية عن ابن عوف «فقلت: يا رسول الله تبكي أو لم تنه عن البكاء» وزاد فيه «إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت نغمة لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان، إنما هذه رحمة ومن لا يرحم لا يرحم» (ثم أتبعها بأخرى) قيل معناه: أتبع الدمعة الأولى بدمعة أخرى، وقيل أتبع الكلمة الأولى المجملة وهي قوله إنها رحمة بكلمة أخرى مفصلة هي قوله على سبيل البيان (فقال: إن العين تدمع والقلب يحزن) قال الدماميني في «المصابيح» : يجوز في القلب الرفع والنصب. قال ابن المنير: فيه أنه بين أن مثل هذا لا يدخل تحت القدرة ولا يكلف العبد الانكفاف عنه، وذلك لأنه أضاف الفعل إلى

الجوارح، كأنها امتنعت على صاحبها فصارت هي الفاعل ولذا قال (ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) فعبر بصيغة اسم المفعول لا بصيغة الفاعل: أي ليس الحزن من فعلنا ولكنه واقع بنا من غيرنا ولا يكلف الإنسان بفعل غيره (رواه البخاري) وعقد له ترجمة فقال باب قول النبي إنا بك لمحزونون (وروى مسلم) في كتاب الفضائل (بعضه) ولفظه من حديث أنس «فقال أنس: لقد رأيته: يعني إبراهيم يكيد بنفسه بين يدي رسول الله، فدمعت عينا رسول الله وقال: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون» قال في «فتح الباري» : قوله يكيد قال صاحب العين: إي يسوق بنفسه، وقيل معناه: يقارب بها الموت، وقال أبو مروان: قد يكون من الكيد وهو القيء، يقال منه كاد يكيد شبه تقلع نفسه عند الموت بذلك (والأحاديث في الباب) أي باب إباحة

<<  <  ج: ص:  >  >>