للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموعظة أوقع لأن ما حصل بالطلب ليس كالحاصل بلا تعب (فاجتمعن فأتاهن النبيّ فعلمهن مما علمه الله) أي من الأحكام المحتاجات إليها (ثم قال) زيادة على مطلوبهن مبشراً (ما منكن من امرأة) من الثانية مزيدة ومن في «منكن» لبيان إبهام المرأة حال منها: أي ما أمره منكن والمراد معشر النساء المسلمات (تقدم ثلاثة من الولد) بفتحتين يشمل الذكر والأنثى والمفرد والجمع (إلا كانوا) لبعض، رواة البخاري «كن» بضم الكاف وتشديد النون وكأن التأنيث باعتبار النفس أو النسمة (لها حجاباً من النار) الظرف الأول لغو متعلق بكان على الأصح من تعلق الظرف بها، ويجوز إعرابه حالاً من حجاباً، كان وصفاً له فنقدم فأعرب حالاً والظرف الثاني في محل الصفة. قال القرطبي: وخصت الثلاثة لأنها أول مراتب الكثرة فتعظم المصيبة بكثرة الأجر، فأما إذا زاد عليها فقد يخف أمر المصيبة لكونها تصير كالعادة اهـ. وتعقبه الحافظ ابن حجر فيما أوهمه كلامه من قصر ذلك على من فقد له ثلاثة دون من فقد له أربعة أو خمسة بأنه جمود شديد، فإن مات له أربعة مات له ثلاثة ضرورة وثبت له أجرهم وموت الرابع إن لم يزد في الأجر لا يرفعه والحق أن تناول الخبر لما فوق الثلاثة بالأولى والأحرى، ويؤيده أنهم لم

يسألوا عن الأربعة فما فوق لأن ذلك كالملعلوم عندهم من الثلاثة (فقالت امرأة) هي أم سليم أم أنس بن مالك كما رواه الطبراني عنها أنها سألته عن الاثنين، ووقع لأم مبشر الأنصارية السؤال عن ذلك، رواه الطبراني أيضاً، وجاء من حديث جابر بن سمرة أن أم أيمن ممن سأله عنه، ومن حديث ابن عباس أن عائشة أيضاً منهن. وحكى ابن بشكوال أن أم هانىء أيضاً سألت عنه قال في «فتح الباري» : فيحتمل أن كلاً منهن سألت عن ذلك في ذلك المجلس واحتمال تعدد القصة فيه بعد لأنه لما سئل عن الاثنين بعد ذكر الثلاثة أجاب بأن الاثنين كذلك. والظاهر أنه كان بوحي أوحي إليه في الحال، وبذلك جزم ابن بطال وغيره، وإذا كان كذلك كان الاقتصار على الثلاثة بعد ذلك مستبعداً لأن المفهوم يخرج الاثنين اللذين ثبت لهما ذلك الحكم بناء على الحكم بمفهوم العدد وهو المعتبر، نعم قد جاء في حديث جابر بن عبد الله أنه ممن سأل عن ذلك، وكذا عمر وحديثه عند الحاكم والبزار، وهذا لا بعد في تعدده لأن خطاب النساء بذلك لا يستلزم علم الرجال به (واثنين) هذا اللفظ رواية مسلم، والتقدير: وما حكم اثنين، وعند البخاري واثنان بالألف: أي وإذا مات اثنان ما الحكم، وهذا منها بناء على عدم اعتبار مفهوم العدد إذ لو اعتبرته لعلمت

<<  <  ج: ص:  >  >>