للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحلية القرآن الصوت الحسن، قالوا فإن لم يكن حسن الصوت؟ قال حسنه ما استطاع» .

٥١٠٠٨ - (وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال لي رسول الله: اقرأ عليّ القرآن) هو دليل طلب القراءة من حسن الصوت والاستماع لهما المذكورين في الترجمة وفي الحديث «من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياً فليقرأ بقراءة ابن أم عبد» (فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك) بتقدير الهمزة قبل المضارع وحذفها لنقل توالي همزتين (وعليك أنزل) جملة حالية من الضمير المجرور (قال: اقرأ فإني أحبّ أن أسمعه) أي سماعه، فهو على تقدير أن المصدرية أو تنزيل الفعل منزلة المصدر (من غيري) ومنه أخذ العلماء الأخيار والصلحاء الأبرار استحباب طلب التلاوة من حسن الصوت والاستماع لها (فقرأت عليه سورة النساء) يحتمل أن يكون قراءته لها لكونها حضرته إذ ذاك أو عن تروّ، وذلك لما اشتملت عليه من الأمر بالتقوى وما فيها من الثناء على المصطفى وذكر ما منّ به عليه مولاه من عظيم الخير والاصطفاء مع ما فيها من أنواع الأحكام (حتى جئت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء} ) أي أمتك ( {شهيداً} ) ، (قال: حسبك) أي كافيك قراءتك (الآن) أي فإني أخذت من استماعي غرضي (فالتفتّ فإذا عيناه تذرفان) أي تجري دموعهما رحمة لأمته فإن الشاهد لا يكتم شيئاً، فإذا كلف الشهادة عليهم وهو لا يحبّ لهم إلا الكمال، ومن لازم الشهادة أن يذكر ما فعلوه من النقائص خشي عليهم أن يحلّ بهم العذاب بسبب شهادته، فرق قلبه خوفاً وحزناً عليهم حتى جرت دموعه شفقة عليهم، لعل الله بواسطة ذلك يشفعه فيهم، فكان ذلك البكاء غاية الرقة بهم والرحمة لهم قال تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} (التوبة: ١٢٨) فعنده من الشفقة عليهم ما ليس عند نبي على أمته، ومن ثم لما أعطي كل نبي دعوة مجابة دعا كل منهم بدعوته لنفسه وخبأ دعوته لأمته (متفق عليه) وقد تقدم مع الكلام عليه في باب فضل البكاء من

<<  <  ج: ص:  >  >>