للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْهَا؟! قَالَ: يقولون: لَوْ رَأوْهَا كانوا أشَدَّ مِنْهَا فِرَاراً، وأشَدَّ لَهَا مَخَافَةً. قَالَ: فيقولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم، قَالَ: يقولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ: فِيهم فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ". متفق عَلَيْهِ. وفي رواية لمسلمٍ عن أَبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إن للهِ مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضُلاً

ــ

يقولون لا والله ما رأوها) صرحوا به مع دلالة عليها؛ إطناباً ولما تقدم (قال: فيقول فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون لو رأوها كانوا أشد منها فراراً) بكسر الفاء (وأشد لها مخافة) أي: خوفاً، وعدل عنه لما قاله تفخيماً لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى (قال: فيقول فأشهدكم) عطف على مقدّر أي: فأعذتهم فأشهدكم (أني قد غفرت لهم) حذف المفعول؛ للتعميم (قال: يقول ملك من الملائكة فيهم) أي: في جملتهم (فلان) تقدم أنه كناية عما يجهل من الإِعلام (ليس منهم) صفة أو حال مما قبله؛ لتخصيصه بتقديم الخبر (إنما جاء لحاجة) أي: غير ما ذكر من الذكر وما بعده (قال: هم الجلساء) أي: الكاملون المكملون (لا يشقى جليسهم) صفة أو حال أو خبر بعد خبر، أو مستأنفة لبيان المقتضى لكونهم أهل الكمال. قال الحافظ في الفتح: أخرج جعفر في الذكر عن الحسن البصري قال: "بينما قوم يذكرون الله إذ أتاهم رجل فقعد إليهم قال: فنزلت الرحمة ثم ارتفعت فقالوا: ربنا فيهم عبدك فلان! قال: غشوهم رحمتي، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" وفي هذه العبارة مبالغة في نفي الشقاء عن جليس الذاكرين، فلو قال: يسعد بهم جليسهم لكان ذلك في غاية الفضل، لكن التصريح بنفي الشقاء أبلغ في حصول المقصود (متفق عليه) فيه أن هذا اللفظ للبخاري فقط أخرجه في الدعوات، من طريق جرير، عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة انفرد به عن مسلم وقوله: (وفي رواية لمسلم) هي المتفق عليها فإنها عند مسلم في الدعوات من طريق وهيب بن خالد، عن سهيل، عن أبيه عن أبي هريرة. وأخرجه البخاري في الدعوات عقيب حديث جرير، إلا أنه لم يسق لفظه (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لله ملائكة سيارة) بفتح المهملة وتشديد التحتية أي: سياحين في الأرض (فضلاً) قال المصنف: أرجح وجوه ضبطه وأشهرها في بلادنا ضم أوليه. وضبط ْأيضاً بضم فسكون ورجحها بعضهم، وادعى أنها أكثر وأصوب، وضبط بفتح فسكون. قال القاضي: هي الرواية عند جمهور مشايخنا في الصحيحين، وبضم أوليه ورفع اللام على أنه خبر مبتدأ محذوف، وبضم ففتح آخره ألف ممدودة جمع فاضل، قال العلماء: معناه على

<<  <  ج: ص:  >  >>