للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟ " فقال: لا، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فَأرْجِعهُ".

وفي روايةٍ: فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَفَعَلْتَ هذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ " قال: لا، قال: "اتَّقُوا الله واعْدِلُوا فِي أوْلادِكُمْ" فَرَجَعَ أبي، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ.

وفي روايةٍ: فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا بَشيرُ ألَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ " فقالَ: نَعَمْ، قال: "أكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هذَا؟ " قال: لا، قال: "فَلاَ تُشْهِدْنِي إذاً فَإنِّي لاَ أشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ" وفي روايةٍ: "لاَ تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ" وفي رواية: "أشْهِدْ عَلَى هذَا غَيْرِي! " ثُمَّ قال: "أيَسُرُّكَ أنْ يَكُونُوا إلَيْكَ في البِرِّ سَواءً؟ " قال: بَلَى، قال: "فَلا إذاً". متفق عليه (١) .

ــ

توهم بشير نسخ ذلك، أو حمل الأولى على كراهة التنزيه. وجمع الحافظ في الفتح بأنه وهبه حديقة، فلما بدا له ارتجعها لأنها لم يقبضها منه أحداً غيره، ثم عاودته فمطلها، ثم اقبضها ثم رضيت عمرة أن يهب له بدل الحديقة غلاماً، فرضيت عمرة لكنها خشيت الارتجاع، فطلبت إشهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - اهـ. (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أكلّ ولدك) بالنصب بنحلت مقدراً فسره قوله (نحلت مثل هذا) أي: أعطيت سائر ولدك كما أعطيت هذا (فقال: لا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرجعه) أي: ارتجعه هو كالعبد، لكراهة الرجوع في الهبة الموهوبة، وإن محلها ما لم توقع في كراهة، وإلا فيرتجع لأن درء المفاسد مقدم على جلب، المصالح أورده الشيخان بهذا اللفظ (وفي رواية) لمسلم (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفعلت هذا) أي: الاعطاء (بولدك كلهم) بأن أعطيت كلا كأخيه (قال: لا قال: اتقوا واعدلوا في أولادكم) بالتسوية بينهم في العطاء والبر والإِحسان (فرجع أبي فرد تلك الصدقة) أي: إلى ملكه بعد أن قبلها لولده، وتقدم في الرواية قبله أن الارتجاع بالأمر النبويّ (وفي رواية) هي أيضاً لمسلم: (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم) بفتح أوليه حرف جواب (قال: أكلهم) بالنصب لمحذوف يفسره قوله (وهبت له مثل هذا) أي: أعطيت كلاً منهم (قال: لا قال: فلا تشهدني إذاً) أي: حينئذ (فإني لا أشهد على جور) أي: جيف وظلم، وأصله الميل عن الاعتدال، حراماً كان أو مكروهاً وهو بنحوه (وفي رواية) هي لمسلم أيضاً (لا تشهدني على جور. وفي رواية) لمسلم أيضاً (أشهد على هذا غيري ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء قال: بلى قال: فلا) أي: لا تفاضل بينهم في العطاء (إذاً. متفق عليه) باعتبار أصل


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الهبة، باب: الهبة للولد، وباب: الإِشهاد في الهبة (٥/١٥٥ و١٥٧) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الهبات، باب: كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، (الحديث: ٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>