للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٠٧- وعن رِبعِيِّ بنِ حِرَاشٍ، قال: انطلقت مع أبي مسعود الأنصاري إلى حُذَيفَةَ بن اليمان - رضي الله عنهم -، فقال له أبو مسعود: حَدِّثْنِي ما سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، في الدَّجَّالِ، قال: "إنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ، وإنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَاراً، فَأَمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ مَاءً فَنَارٌ تُحْرِقُ، وأمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ نَاراً، فَمَاءٌ بَارِدٌ عَذْبٌ. فَمَنْ أدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقَعْ فِي الَّذي يَراهُ نَاراً، فَإنَّهُ مَاءٌ عَذْبٌ طَيِّبٌ" فقال أبو مسعود: وَأنَا قَدْ سَمِعْتُهُ. متفق عليه (١) .

ــ

١٨٠٧- (وعن ربعيّ) بكسر الراء وسكون الموحدة وبالمهملة (بن حراش) بكسر المهملة وتخفيف الراء آخره شين معجمة، وتقدم أنه تابعي (قال: انطلقت مع أبي مسعود الأنصاري) هو البدري لشهوده وقعتها أو سكناه بها، على الخلاف المتقدم فيه، (إلى حذيفة بن اليمان رضي الله عنهم فقال له أبو مسعود حدثني بما) أي: الذي (سمعت) بحذف العائد، ويحتمل كون ما مصدرية والمصدر المنسبك بمعنى المفعول، ولا يخفى ما فيه من البعد (عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدجال قال:) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يدل له قول أبي مسعود آخراً وأنا قد سمعته، وحذف العائد على حذيفة فلم يكتبه اكتفاء بدلالة المقام عليه (أن الدجال يخرج) أي: في أواخر الدنيا (وأن معه ماء وناراً) جملة معطوفة على الجملة المحكية قبلها أو حال من فاعل يخرج (فأما الذي يراه الناس) أي يبصرونه حال كونه (ماء فنار تحرق) بضم التحتية من الاحراق (وأما الذي يراه الناس ناراً فماء عذب) أي: حلو (طيب) ضد الكدر.

قال المصنف: قال العلماء: من جملة فتنه التي امتحن الله بها عباده ليحق الحق ويبطل الباطل، ثم يفضحه بعد، ويظهر عجزه وقال الحافظ: هذا كله يرجع إلى اختلاف المرء بالنسبة إلى الراءي، فإما أن يكون الدجال ساحراً فيخيل الشيء بصورة عكسه، وإما أن يجعل الله بأرض الجنة التي يسخرها للدجال ناراً وباطن النار جنة، وهذا هو الراجح وإما أن يكون ذلك كناية عن الرحمة والنعمة بالجنة، وعن المحنة والنقمة بالنار، فمن أطاعه فأنعم عليه بجنته يؤول أمره إلى دخول نار الآخرة وبالعكس، ويحتمل أن يكون ذلك من جملة المحنة والفتنة فيرى الناظر ذلك من دهشته فيظنها جنة وبالعكس اهـ. (فقال أبو مسعود وأنا قد سمعته متفق عليه) رواه البخاري في ذكر بني إسرائيل وفي الفتن. ورواه مسلم في


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل وفي الفتن، باب: ذكر الدجال، (١٣/٨٧ و٨٨) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال، وصفته وما معه، (الحديث: ١٠٧ و١٠٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>