للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم في جملة حديث طويل (١) .

١٨٤٦- وعنها، قالت: قال رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لِقَاءهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ" فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أكَراهِيَةُ المَوتِ، فَكُلُّنَا نَكْرَهُ المَوتَ؟ قال: "لَيْسَ كَذَلِكَ، ولكِنَّ المُؤْمِنَ

ــ

غامض وإيماء خفي إلى الأخلاق الربانية، فاحتشمت الحضرة الالهية أن تقول كان متخلقاً بإخلاق الله تعالى، فعبرت عن ذلك المعنى بقولها. كان خلقه القرآن استحياء من سبحات الجلال وستر الحال بلطف المقال، وهذا من وفور عقلها وكمال أدبها فكما أن معاني القرآن لا تتناهى، فكذلك أوصافه الجميلة الدالة على عظم أخلاقه لا تتناهى، وفي كل حالة من أحواله يتجدد له من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، وما يفيضه الله عليه من معارفه وعلومه ما لا يعلمه إلا الله، فإذاً التعرض لحضرة جزئيات أخلاقه الحميدة تعرض لما ليس من مقدور الإِنسان ولا من ممكنات عاداته. قال الحراني: بفتح المهملة وتشديد الراء: ولما كان عرفان قلبه - صلى الله عليه وسلم - بربه عز وجل كما قال عليه الصلاة والسلام: "بربي عرفت كل شيء" كانت أخلاقه أعظم خلق، فلذا بعثه إلى الناس كلهم ولم يقصر رسالته على الإِنس حتى عمت الجن ولم يقصرها على الثقلين حتى عمت جميع العالمين (رواه مسلم في جملة حديث طويل) .

١٨٤٦- (وعنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه) فيه حث على القيام بالطاعات والدأب فيها والإِخلاص المرتب عليه من فيوض الله ما لا يحصى ومن تشريفات العامل. لذلك ما لا يستقصى، فيحب العامل لذلك لقاء الله لما أعد له ويحب الله لقاءه (ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقلت يا رسول الله أكراهية الموت) الهمزة للاستفهام أي: أيراد بكراهية لقاء الله تعالى كراهية الموت فهذا مشكل؟ (فكلنا نكره الموت) بحسب الطبع وإن كان محبوباً بالنظر لما وراءه مما أعد لصالح المؤمنين مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (قال: ليس كذلك) أي: ليس الأمر كذا الذي توهمته (ولكن) استدراك بإثبات ما يوهم شمول النفي له والنون مشددة (المؤمن) وفي نسخة إن


(١) أخرجه مسلم في كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، (الحديث: ١٣٩) . مطولاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>