للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: يَا إسْمَاعِيلُ، إنَّ اللهَ أمَرَنِي بِأمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أمَرَكَ رَبُّكَ؟ قالَ: وَتُعِينُنِي، قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإنَّ اللهَ أمَرَنِي أَنْ أَبْنِي بَيْتاً هاهُنَا، وأشَارَ إِلَى أكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، فَجَعَلَ إسْمَاعِيلُ يَأتِي بِالحِجَارَةِ وَإبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ، جَاءَ بِهذَا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَبْنِي وَإسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحجارة وَهُمَا يَقُولاَنِ: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ) .

ــ

سمعت رجلاً يقول بكيا حتى أجابهما الطير أي: لتباعد لقائهما. زاد الفاكهي وكان عمر إيراهيم يومئذ مائة سنة، وعمر إسماعيل ثلاثين سنة (قال يا إسماعيل إن الله تعالى أمرني بأمر قال: فامنع ما أمرك ربك قال وتعينني) ، هو داخل في حيز الأمر كما في رواية أخرى إنه أمرني أن تعينني عليه (قال وأعينك) وللكشميهني بالفاء بدل الواو (قال فإن الله تعالى أمرني أن أبني بيتاً ها هنا وأشار) بقوله ها هنا (إلى أكمة) بفتحتين تل. وقيل شرفة كالرابية وهو: ما اجتمع من الحجارة في مكان واحد، وربما غلظ وربما لم يغلظ، والجمع أكم كقصب وأكمات كقصبات، وجمع الأكم إكام مثل جبل وجبال وجمع الأكام أكم بضمتين ككتاب وكتب، وجمع الأكم آكام مثل عنق وأعناق كذا في المصباح (مرتفعة على ما حولها) من الأرض وتقدم أن السيول كانت لا تعلوها (فعند ذلك رفع) إبراهيم (القواعد) أي: الأساس (من البيت) ورفعها البناء عليها وقال السيوطي: القواعد أي التي كانت قواعد البيت قبل ذلك كما أخرجه أحمد عن ابن عباس وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أن القواعد كانت في الأرض السابعة (فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة) وإبراهيم على المقام ينزل به لأخذ الحجر من إسماعيل، ثم يعلو به فيضعه محله من البناء كما قال (وإبراهيم يبني) عطف معمولين على معمولي عامل واحد (حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر) يعني المقام زاد في حديث عثمان أنه نزل عليه الركن والمقام من الجنة فكان يقوم على المقام ويبني عليه، فلما بلغ الموضع الذي فيه الركن وضعه يومئذ موضعه وأخذ المقام فجعله لاصقاً بالبيت، فلما فرغ من بناء الكعبة جاء جبريل فأراه المناسك كلها، ثم قام إبراهيم وإسماعيل تلك المواقف، وحجه وإسحاق وسارة من بيت المقدس، ثم رجع إبراهيم إلى الشام فمات بالشام كذا بالتوشيح (فوضعه له فقام عليه) أي: على المقام (وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان ربنا تقبل منا) بناء البيت (إنك أنت السميع) لدعائنا (العليم) ببناء بيتنا (وفي رواية أن

<<  <  ج: ص:  >  >>