للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه والرحمة (نادى جبريل) الظاهر أنه نداء بالكلام النفسي المنزه عن الصوت وغيره من سمات الحدوث، ومذهب الشيخ أبي الحسن أن لا يشترط الصوت في المسموع خلافاً للماتريدي. وجبريل اسم عبراني للملك المعظم ومعناه بالعربية كما تقدم عبد الرحمن وهو أمين الوحي، قيل إنه أفضل الملائكة (إن الله تعالى يحبّ فلاناً) يحتمل أن يكون بفتح الهمزة مفعول نادى، ويحتمل كسرها بإضمار قول، ويؤيد هذا ما يجيء في الرواية الآتية «فدعا جبريل فقال: إني أحبّ فلاناً» وعبر بالمضارع إيماء إلى دوام ذلك الفضل لذلك المحبوب، واستمراره وفي الحديث «إن الله كريم يستحيي أن ينزع السر من أهله» وفي الحديث عن عبد الله بن عمر مرفوعاً «إن الله كريم يستحيي أن ينزع السر من أهله» وفي الحديث عن عبد الله بن عمر مرفوعاً «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بموت أهله» (فأحببه) بفك الإدغام كما هي لغة الحجاز، ويجوز إن لم يصد عنه رواية الإدغام وهي لغة تميم (فيحبه جبريل) قال المصنف: محبته محتملة أن يراد استغفاره وثناؤه عليه ودعاؤه له وأن يراد بها ظاهرها المعروف من الخلق وهو ميل القلب إلى المحبوب وشوقه إلى لقائه، وسبب حبه إياه كونه مطيعاً لمولاه محبوباً له (فينادي) بالبناء للفاعل أي جبريل ويشهد له قوله في الرواية الثانية «ثم ينادي في السماء فيقول» ويجوز أن يكون مبنياً للمفعول وقوله: «إن الله يحبّ نائب» فاعله، وبقرينة ما قرينة للمفعول: أي يوضع (في أهل السماء) أي في الملائكة الساكنين بها (إن الله يحب فلاناً) نداؤه بذلك تنويه به وتشريك له في الملأ الأعلى وليحصل من المنزلة المنيفة على الحظ العظيم وهذا نحو قوله تعالى في الحديث القدسي «أنا مع عبدي إذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» (فأحبوه)

الفاء فيه للتفريع (فيحبه أهل السماء) الفاء عاطفة على جملة ينادي والوجهان السابقان في محبة جبريل يجريان هنا من غير فرق (ثم يوضع له القبول في الأرض» ) المراد بالقبول الحب في قلوب أهل الدين والخير له والرضا به واستطابة ذكره في حال غيبته، كما أجرى الله عادته بذلك في حق الصالحين من سلف هذه الأمة ومشاهير الأئمة (متفق عليه) .

(وفي رواية لمسلم) أورد مسلم الروايتين المذكورتين أواخر كتاب البرّ والصلة. ووقع للحافظ المزي أنه ذكر أن مسلماً خرّج الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>