للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الِإمام شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي في الباب الثاني

من كتاب "عوارف المعارف " بعد رواية أثر عبد الله بن مسعود هذا: وهذا

الكلام محرض لكل صاحب همة، أن يصغي إلى موارد الكلام، ويفهم دقائق

معانيه، وغامض أسراره من قلبه.

فللصوفي - بكمال الزهد في الدنيا، وتجريد القلب عما سوى الله تعالى -

مطلع من كل آية، وله بكل مرة في التلاوة مطلع جديد، وفهم عتيد، وله

بكل فهم عمل جديد.

فَفَهْمفمْ يدعو إلى العمل، وعملهم يجلب صفاء الفهم، ودقيق النظر في

معاني الخطاب. فمن الفهم علم، ومن العلم عمل، والعلم والعمل يتناوبان

فيه، وهذا العمل آنفاً، إنما هو عمل القلوب، غير عمل القالب، وأعمال

القلوب - للطفها وصقالتها - مشاكلة للعلوم، لأنها نيات وطويات، وتعلقات روحية وتأدبات قلبية، ومسامرات سرية، وكلما أتوا بعمل من هذه الأعمال رفع لهم علم من العلم، وأطلعوا على مطلع من فهم الآية جديد.

ويخالج سرى أن يكون المطلع ليس بالوقوف بصفاء الفهم على دقيق

المعنى وغامض السر في الآية، ولكن المطلع: أن يطلع عند كل آية على شهود المتكلم بها لأنها مستودع وصف من أوصافه، ونعت من نعوته، فتتحدد له التجليات بتلاوة الآيات وسماعها، ويصير له مراء منبئة عن عظيم

الجلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>