للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفعله الناس الآن من استدعاء الأطباء للعلاج حتى في لحظات النزع الأخير.

أما الأمثلة الأخرى فقد أجاد فيها وأحسن. والذي نقوله تعقيباً على كلامه: أن خروج الاستفهام إلى النفي أو الإنكار معدود عند علماء البيان من صور المجاز المرسل الذي علاقته الإطلاق والتقييد. اي أطلق الإستفهام من دلالته على طلب الفهم ثم قُيَّد مرة أخرى باستعماله في الإنكار أو النفي أو غيرهما من المعاني المنصوص عليها في مصنفات البيانيين.

وأن الإمام ابن القيم - بهذا - مؤول مجازي خبير بمرامي الكلام ودقائق التراكيب. وكفى بذلك اقراراً بالمجاز وتأصيلاً لوظيفته في البيان.

مجئ الخبر بمعنى الأمر: -

من أفانين القول في اللغة العربية - لغة التنزيل الحكيم - فن معروف في البلاغة العربية يمكن أن نطلق عليه مصطلحاً جديداً يجمع شتاته كله، وهو فن: تبادل الصيغ والأدوات وإحلال بعضها محل بعض ولهذا الفن معان وأسرار دقيقة في الأساليب الرفيعة.

والقرآن الحكيم حافل بصور تبادل الصيغ والأدوات ومن ذلك مجئ الخبر بمعنى الإنشاء، ومنه مجئ الخبر بمعنى الأمر كما جاء في عنوان هذه الفقرة وذلك مثل قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ... } البقرة (٢٢٨) والتربص: الترقب والانتظار.

وقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ... } البقرة: (٢٣٣) وقد تعرض العلامة ابن القيم لتوضيح السر البياني لمجئ هذا الخبر: {يُرْضِعْنَ} بدل الأمر: "أرضعن" لأن المقصود من الخبر هنا إنشاء الأمر بالرضاعة وقد أصاب العلامة في توضيحه فقال:

<<  <   >  >>