للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: أن ما يتصل بشئون العقيدة والعبادة لا قيد فيه على أحد، يمارس اليهود عبادتهم على وفق عقيدتهم في حرية تامة لا سلطان لأحد عليهم. وكذلك المسلمون يتمتعون بحرية تامة في شئون العقيدة الإسلامية، والعبادات المتفقة معها.

هذا النص الدستوري العام فيه دحض واضح لما يردده من لا فقه لهم بالإسلام وأصوله، الذين يقفون في وجه تطبيق الشريعة في مصر بحُجًّة أن مصر بها غير مسلمين من مواطنيها القبط، فكيف تُطَّبق الشريعة عليهم وهم بها غير مؤمنين؟

هذه الشبهة مدفوعة بكل قوة وحسم، لأن الشريعة لن تطبق عليهم إلا في الحكم في المنازعات التي طرفاها غير مسلمين إذا رفع أحدهم الدعوى أما القضاء.

أو كانت الخصومة ناشئة عن جريمة ارتكبها أحدهم ضد الآخر من الجرائم التي تتولى النيابة العامة رفع الدعوى فيها كالاعتداء على المال أو العرض أو النفس أو ما دون النفس من الأطراف وأعضاء الجسم.

أو كانت الخصومة بين طرفين مسلم وغير مسلم، في جميع هذه الحالات تطبق شريعة الله.

أما ما يتصل بالأمور الدينية البحتة من مراسم التزويج أو العبادات فهذا لهم فيه مطلق الحرية، ولا سلطان لأحد عليهم، حتى الخمور إذا شربوها معتقدين حليتها عندهم فلهم ذلك ما لم يخل شربها بالنظام العام كظهور شاربها في الطريق العام وهو يترنح ويهذى ويقذف غيره ويسبه.

هذه هي سُنَّة رسول الله في الحكم عمل بها مع نشأة الدولة الإسلامية عقب الهجرة مباشرة. وإذا قضى الله ورسوله أمراً فلا مناص من امتثاله والعمل به مهما لغط الكارهون لما أنزل الله. وقد جرَّب قبط مصر سماحة الإسلام منذ فجر التاريخ الإسلامي في مصر، وسماحة الإسلام هي ظله الذي لا ينفك عنه في كل عصر وبيئة، شريطة أن يتولى الحكم بالإسلام رجال فاقهون له، عالمون بأصوله ومقاصده، لا رجال ليس لهم من الإسلام نصيب سوى الأسماء والوراثة الفارغة كم كل محتوى.

* * *

<<  <   >  >>