للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث - ضوابط ما بعد القتال:

وضوابط ما بعد القتال ضربان:

الأول: سلوكيات تتعلق بآثار القتال وما نتج عنه، وأبرز هذا الضرب التصرف في الأسرى إن وجدوا، وكان المصير فيهم في أول الأمر أن يقتلوا، كما جاء التوجيه في غزوة بدر الكبرى بعد أن تصرف النبي في أسرى قريش نازلاً على رأي أبي بكر، فأطلق سراحهم بعد أخذ الفدية منهم، فنزل الوحي معاتباً: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .

ثم عافياً: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .

ثم جاء التخيير بين الَمنَّ على الأسرى - إطلاق سراحهم مجاناً - وبين أخذ الفدية منهم، والأمر يرجع إلى تقدير إمام المسلمين أين يرى المصلحة فب الَمنَّ أم في أخذ الفدية كما جاء في قوله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً....} .

وقد توسع الفقهاء في وجوه التصرف في الأسرى، فزاد بعضهم على ماورد في الآية وجهين أو ثلاثة، منها جواز القتل والاسترقاق، والمعول عليه ما ورد في القرآن نفسه، لأنه قطعى الثبوت والدلالة معاً. وعلى كل فإن معاملة الأسرى - وهو في الأسر - يجب أن تكون بالحسنى.

الضرب الثاني: سلوكيات تختص بواقع المسلمين بعد القتال مع إحراز النصر: وهي الالتزام الكامل بمنهج الله من التواضع وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصر الله وإتباع هديه في كل شئون الحياة الخاصة والعامة: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} .

<<  <   >  >>