للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالكثرة والتجمع يوحي إليهم - مع إغراء الشيطان - بأنهم لن يُغلبوا أمام محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن معه إلا القليل من الأتباع. فأزاح عنهم القرآن هذا الوهم بأدلة من التاريخ النبوي يعرفونها: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} .

أشار القرآن الأمين إلى مهلك ستة أقوام كذَّبوا لارسل فحق عليهم العقاب العادل من الله، ولم ينفعهم تجمعهم وكونهم أحزاباً من حلول نقمة الله بهم. ومشركو مكة إذا استمروا في تكذيبهم بالحق فسيحل بهم ما حل بأسلافهم في الكفر والعناد، وإن الله لبامرصاد.

في هذا البيان الواضح، والحقائق الناصعة إرشاد ونصح أمين وضعه الله أمام خصوم الدعوة، وهداهم النجدين: طريق النجاة، وطريق الهلاك، فإذا رجعوا إلى أنفسهم وتدبروا واطَّرحوا أسباب العناد هُدُوا ونَجَوْا، وإن بقوا على كبريائهم وجهلهم فما على الرسول إلا البلاغ المبين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون؟

وكان هدف العوة - هنا - من الوسائل السلمية التي جعلتها مادة للحوار لحمة وسدى: إقناع خصوم الدعوة بأن ما هم عليه باطل وضلال، وأن الحق إنما هو فيما يدعوهم إليه الوحي الأمين على لسان الرسول الكريم، الذي رموه زوراً وبهتاناً - بأنه ساحر كذاب؟!

* * *

<<  <   >  >>