للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهنا يثب إبراهيم عليه السلام وثبته الخالدة على الباطل الذي انخدع به أبوه وقومه، وهم يرون أصنامهم تلالاً من الأنقاض: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} .

هزئ منهم ومن آلهتهم، وحقرّهم وحقَّر آلهتهم: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ، وقد في سلامة عقولهم: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} ؟ لقد ساقهم إبراهيم سوقاً إلى هذا المشهد التربوي الحكيم وأراهم أن ما يدعون من دون الله لا يدفع عن نفسه شراً، ولا يجلب لها خيراً، فكيف يرجون - هم - منها نفعاً أو ضراً؟! إنَّ فاقد الشيء لا يعطيه أبداً. فما بالهم بمن فقد نفسه؟

* * *

* الحكم:

لم يذعن قوم إبراهيم للحق الذي أبصروه، ولم يكفروا بأصنامهم التي صارت {مَثَلُهُ} أمام أعينهم، فحكموا على إبراهيم بالإعدام حرقاً، انتقاماً منه، وثأراً لأنفسهم: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} فجمعوا الوقود وأضرموا النار، وألقوا فيها إبراهيم رسول التوحيد وهي مستعرة.

* * *

* ولكن هيهات:

وأردكت عناية الله إبراهيم أسرع إليه من مس النار ظواهر جلده، لأن رب التوحيد ناداها فأمرها: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} فكانت كما أمرها من بيده مقاليد كل شيء. وهيهات هيهات لما أرادوا.... ثم كانت النهاية: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} .

<<  <   >  >>