للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فخطا القرآن - أولاً - هذه الخطوة، فأمرهم - إن كان في مقدورهم - أن يكونوا حجارة أو حديداً، لا عظاماً فحسب لأن العظام كانت ذات حياة يوماً ما فإعادة الحياة إليها أمر يسير، أما الحديد والحجارة فهي جماد ما عرفت الحياة قط، أو كونوا خلقاً آخر غير الحجارة والحديد، أي خلق تختارونه وترون فيه أن الخالق لا يقدر على بث الحياة فيه ... هذا ما أمر الله به رسوله ليقوله لمنكري البعث.

ورتب على هذا سؤال سيوجهه منكرو البعث للرسول إذ سيقولون له: منْ الذي يعيدنا للحياة سواء أكنا كما نحن أو حَللْنَا في أي خلق آخر؟

وكان الجواب المحكم المفحم: {الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} .

إن حجم الإفحام والإلزام في هذا الجواب يهد الجبال..

فهم ينكرون عودة الحياةللعظام التي كانت من قبل ذات حياة ظاهرة، وملامح محفوظة، وآثار باقية، فكيف يعجز الله - وكان قد خلقها من قبل من العدم - عن إلأعدة الحياة إليها؟! فهل لمنكري اتلبعث من سبيل إلى إنكار الخلق الأول؟ كلا ثم كلا.

إذا فإن الذي فطرهم لأول مرة - وهذا ما لا نزاع فيه - قادر على إعادة الحياة متى وكيف شاء.

قياس: لو أن مهندساً صنع جهازاً عجيباً أدهش من رآه، ثم جاء رجل آخر فحطمه فقال المخترع للناس: سوف أعيد تكوينه مرة أخرى. لو حدث هذا هل كان يقع في خاطر أحد أن يستبعد على المخترع صدقه في إعادة التكوين؟

هذا مثل توضيحي - ولله المثل الأعلى - لذلك فإن منكري البعث لم يجادلوا في صحة هذا القول، ولكنهم انتقلوا إلى السؤال عن موعد البعث مع هزات برءوسهم تعجباً واستهزاء حيث لم يملكوا شيئاً يقولونه أما هذا الإفحام المذهل: {مَتَى هُوَ} ؟

والمسئول ليس بأعلم من السائل عن موع وقوع البعص. فما كان الجواب إلا كما أوحى إليه ربه: {عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} ؛ لأن علم الساعو عند الله وحده، لا يجليها لوقتها إلا هو: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي

<<  <   >  >>