للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي قالت اليهود: كونوا هودا تهتدوا؟! وقال النصارى: كونوا نصارى تهتدوا؟! كل منهم يدعي الهدى ويرمي من عداه بالضلال؟! وهاتان الدعويان تتضمنان فرية أخرى: هي التفرقة بين رسل الله. فاليهود يؤمنون بأنبيائهم ويكفرون بعيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم والنصارى يؤمنون بعيسى "إله" ويكفرون بخاتم الرسل - صلى الله عليه وسلم -.

* *

* مواجهة القرآن:

وقد واجه القرآن الحكيم هذه المزاعم معرضاً باليهود والنصارى بأنهم ليسوا موحدين، فكيف يكونون على هدى، والتوحيد الذي كفروا به هو أساس الهدى؟ فقال في الرد عليهم: {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} .

أي أن الهدى الخالص هو ملة إبراهيم الذي رعى عقيدة التوحيد، ولم يكن مشركاً بربه شيئاً كما أشركتم أنتم فجعلتم عزيزاً (اليهود) وعيسى (النصارى) ولدين لله سبحانه وتعالى عما تقولون علواً كبيراً، واليهود والنصارى حين سمعوا هذا البيان يعلمون علم اليقين أنهم مشركون بالله، فيتبين لهم في خاصة أنفسهم أنهم كاذبون في إدعاء الهدى.

* *

* التفرقة بين الرسل:

أما تفرقتهم بين الرسل على الوجه الذي تقدم فقد لقنهم فيها القرآن درسا شديد الوقع عليهم. جاء هذا الدرس ضمن خطاب الله للمسلمين: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .

<<  <   >  >>