للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يفتنوه عن بعض ما أنزل إليه، ومع ذكر الجرائم التي ارتكبها أجدادهم وتابعوهم هم عليها فإن القرآن لم يأمر بشن الحرب عليهم، وإنما تساءل في إنكار عنيف عن الحكم الذي يريدونه وهو حكم الجاهلية: أفحكم الجاهلية يبغون؟ إن هذا السفه ما وراءه سفه، لأن حكم الله المنزل أحسن حكم للناس: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ؟

وهذا توجيه من الله لرسوله، لئلا يضيق ذرعاً بمكايد اليهود، فما عليه إلا أن يقابل أباطليهم بذكر الحق دون أن يُعْمل فيهم سلاحاً، أو لا يرى لهم وجوداً معه في المدينة ما داموا لم يؤمنوا، وفي موضع آخر يذكرهم القرآن بأشنع جرائمهم الموروثة والحاضرة - أي التي ارتكبها اليهود في عصر الرسالة الخاتمة - ثم يفتح أمامهم أبواب التوبة، ويحذرهم - في هدوء - من سوء المصير إذا لم يلعنوا للحق المنزل على خاتم الرسل - صلى الله عليه وسلم -.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (٤٥) مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (٤٦) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (٤٧) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} .

ولكي نتبين عظم سماحة الإسلام مع اليهود نسجل هذه الجررائم التي نسبها إليهم القرآن في هذا البيان الأمين.

<<  <   >  >>