للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} (يونس/٩٤) دليلاً على إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يشكّ في نبوته، فكيف يتوقع إذن من سامعيه أن يصدّقوه؟ ثم يستشهد بقول بولس إلى أهل غلاطية (١/٨) : "إنْ بشَّرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشّرناكم فليكن أناثيماًَ (أي واقعاً تحت لعنة) " على أن هناك فرقاُ بين محمد، الذي يشك في الوحي الذي ينزل عليه، وبين بولس الواثق فيما كان يبشرّ به حسب كلامه (ص ٨٢ - ٨٣) .

ومقطع الحق أنه ليس في الآية الكريمة ما يدل على إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يشك آنئذ في الوحي، فإنّ حرف الشرط "إنْ" يدل على استحالة الفعل أو استبعاد حدوثه على أقل تقدير، وإنما هو ضرب من تثبيت القلب، إذ كان قومه يكذّبون ويفترون عليه الاتهامات، فبيّن القرآن له أنه على الحق فلا ينبغي أن يبالي بافتراءات المفترين، وإذا كان قومه يكذبونه ويرفضون دعوته فها هم أولاء الذين يقرأون الكتب من قبله، فليسألهم إن أحبّ، ولسوف يجيبونه بأن نبوته معروفة عندهم وأن الناموس الذي ينزل عليه هو نفسه الناموس الذي كان ينزل على إخواته الأنبياء من قبل. إنه نفس الجواب الذي

<<  <   >  >>