للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما المشكلة التي يريد أن يخلقها خلقاً في قوله عز من قائل: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} فلا وجود لها إلا في ذهنه المخبول. بالله لم لا يكون التعزير والتوقير والتسبيح جميعاً لله - عز وجل -؟ ما الذي في ذلك مما لا يناسبه سبحانه ويُوقع القائل به في الكفر؟ إن الله حلَّت قدرته ليس في حاجة فعلاً إلى أية مساعدة أو عون من أحد، بَيْدَ أن الكلام في الآية إنما هو على المجاز مثل قوله في الآية السابعة من سورة "محمد": {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وقوله في الآية ١٧ من "التغابن": {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ} وغير ذلك. ومغزى المجاز في الآية التي بين أيدينا هو زيادة الحضّ على الاستمساك بعروة الإسلام ونصرة مبادئه والجهاد دفاعاً عنه والتضحية في سبيله بالنفس والنفيس، وهو أسلوب من الكلام يراد به استفزاز أقصى طاقات المخاطب واستنفار كل ما تجيش به نفسه من عزم، إذ متى ما قيل للمؤمن إنك، بعملك كيت وكيت، إنما تنصر الله نفسه، فإنه يهبّ بجمع طاقته وعزيمته لتحقيق ما تطلبه منه. كذلك فهذا الأسلوب يُشْعِر المؤمن بأنه شديد القرب من ربه، ويجعل حبل المودة بينه وبين مولاه قوياً متيناً. ولقد أثمر هذا

<<  <   >  >>