للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: أليست الحواسّ خمسة؟

قلت: الذي مشى عليه الفخر في تفسير قوله تعالى: (يوم تشهد عليهم

ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم) أن الحواسّ أربعة، فجعل الذوق واللمس واحداً، أَلا ترى أن الشم لا تكليف فيه ألبتَّة، ولا يتعلق به أمر ولا نهي، ولما كان الاسم الشريف من أربعة أحرف دلَّ على أن الحواس أربعة.

فالألف للسمع، والحاء للبصر، والميم للشم، والدال للذوق.

ووقع للفخر في سورة الحمد مناسبة اسمه - صلى الله عليه وسلم - أحمد ومحمد من الحمد، لأنه أول ما خلق الله العقل، فكان أول ما نطق به الحمْد، وآخر ما نطق به الحمد، وكان آخر الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام، فناسب الاسم أن يكون من نوع المبدأ، فاشتق له من الحمد اسمان: محمد وأحمد، فأهل السماء هو أحمدهم، وأهل الأرض هو مَحْمودهم.

(فلما دخلوا على يوسفَ) :

هنا محذوفات يدلّ عليها الكلام، وهي: فلما رحل يعقوب بأهله حين بلغه خبر يوسف - آوى إليه أبويه، أي ضَمَّهما وتعانقا، ورأى يعقوب أناساً كثيراً، فقال: يا يوسف، مَنْ هؤلاء، قال: يا أَبت، إن هؤلاء كلهم عَبيدي، وقد أعتقتهم كلَّهم لرؤيتك.

فكذلك أنتم يا أمةَ محمد، يقول الله عز وجل: يا محمد، يوسف أعتق عبيده

برؤية أبيه، وإني أعتق برؤيتك جميعَ عصاة أُمتك.

(أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ) :

هذه على القراءة بالعطف بالفاء المقتَضِية للتسبيب والتعقيب، ولا يصح العطف بالفاء، لأنَّ السبب على ثلاثة أنواع: ظاهر، وخفي، ومتوسط.

وإنما يحتاج إلى الفاء في التوسط والخفي، وأما هنا فظاهر كونه سبباً فما بعده، فلا يحتاج في عطفه إلى ما يبيّن كونه سبباً.

والآية عند بعض العلماء من باب القَلْب.

والأصل فيها: وأولئك في أعناقهم الأغلال، لأن الأغلال محيطة بأعناقهم كإحاطة الظرف بالمظروف، وأعناقهم هي المظروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>