للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن ذلك إنما نزل بعد قولهم: (ما وَلاَّهُمْ) فجاءت السينُ إعلاما

بالاستمرار لا بالاستقبال.

قال ابن هشام: وهذا لا يعرف النحويون، بل الاستمرار مستفاد من المضارع، والسين باقيةٌ على الاستقبال، إذ الاستمرار إنما يكون في المستقبل.

قال: وزعم الزمخشري أنها إذا دخلت على فعل محبوب أو مكروه أفادت أنه واقع لا محالة، ولم أر مَنْ فَهم وَجْه ذلك، ووجهه أنها تُفيد

الوعد بحصول الفعل، فدخولُها على ما يفيد الوعد أو الوعيد مقتض لتوكيده

وتثبيت معناه، وقد أومأ إلى ذلك في سورة البقرة، فقال: (فسيكفيكهم الله وهو السميعُ العليم) - معنى السين أن ذلك كائن لا محالة، وإن تأخر إلى حين.

وصرح به في سورة براءة فقال في قوله: (أولئك سيرحمهم الله) ،: السين مفيدة وجودَ الرَّحْمة لا محالة، وهي تؤكد الوعد، كما تؤَكد الوعيد في قولك: " سأنتقم منك ".

***

[(سوف) :]

كالسين أو أوسع زماناً منها عند البصريين، لأن كثرةَ الحروف

تدل على كثرة المعنى، ومرادفة عند غيرهم، وتنفرد عن السين بدخول اللام

عليها نحو: (ولَسَوْف يعطِيكَ ربُّك فَتَرْضَى) .

قال أبو حيان:

وإنما امتنع إدخال اللام على السين كراهةَ توالي الحركات في " لَسَيُدَحْرَج " ثم طرد الباقي.

قال ابن بابشاذ: والغالب على سوف استعمالها في الوعيد والتهديد، وعلى السين استعمالها في الوعد، وقد تستعمل سوف والسين في الوعيد.

و (سوَاء) : تكون بمعنى مستَوٍ، فتقصر مع الكسر، نحو: (مكاناً سِوًى)

، وتمد مع الفتح نحو (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) ، وبمعنى الوسط فتمدّ مع الفتح نحو: (في سوَاءِ الجحيم) ، وبمعنى التمام نحو: (في أربعة أيام سواءً للسائلين) ، أي تماماً، ويجوز أن يكون منه: (واهدنا إلى سوَاء الصرَاط) ، ولم ترد في القرآن بمعنى غير.

وقيل وردت، وجعل منه في

<<  <  ج: ص:  >  >>