للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ من الحزْن) ، أي من البكاء الذي هو

ثمرة الحزن، فقيل: إنه عمي.

وقيل: كان يدرك إدراكاً ضعيفاً.

وفي الحديث:

إن يعقوب حزن حزْنَ سبعين ثَكلَى.

وما ساء ظنّه باللهِ قطّ، فلذا أعطي أجْرَ مائة شهيد.

(وأعْلَم مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمون) :

هذا من قول يعقوب، يعني إني أعلم من لطفه ورحمته ما يوجِب حسْنَ ظني به وقوة رجائي فيه.

(وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) :

روي أنها لما نزلت قال عليه السلام: أنا المنذِر، وأنْتَ يا عليٌّ الهادي (١) .

وقيل: معناها إنما أنت نبيء منذر، ولكل قوم هاد

من الأنبياء ينذرهم، فليس قولك بمبْدع ولا مستَنْكر.

وقيل المعنى: إنما عليكَ الإنذار، والله هو الهادي لمن شاء إذا شاء.

(وجَعَل فيها رَوَاسِيَ وأنهاراً) :

قد قدمنا أنَّ الرواسي الجبال، وقدمنا فائدة جَمْع الأنهار جمع قلة، والرواسي جمع كثرة.

(ومِنْ كلّ الثمرات جَعَلَ فيها زَوْجَيْن اثْنَين) :

قيل إنه معطوف على قوله: (رَوَاسي) ، فيكون متعلقاً بجعل الأول.

وقيل: إنه متعلق بجعل الثاني.

ورَدَّه بعض النحويين بأنّ فيه الفصل بين حرف العطف والمعطوف.

وقد قال ابن عصفور في شرحه الكبير: ولا يجوز فصل حرف العطف والمعطوف إلا بالقسم أو بالظرف والمجرور، بشرط أن يكون حرف العطف على أزيد من حرف واحد.

" وجعل " هنا معطوف على (جعل) الأول، ففصل بين الواو

وبينه بالمجرور، وهذا جيد إلا أنْ يجاب بأنه من حرف الجمل، فهو استئناف.

فإن قلت: هل المراد بالزوجين اثنين الذكر والأنثى، كقوله: (ومِنْ كلِّ

شيءٍ خلَقْنَا زَوْجين) ؟

فالجواب: أنَّ المراد بالزوجين النوعين، قال الزمخشري: كالأسْوَد والأبيض.


(١) لا يخفي ما فيه من بعد بعيد، ولعله من أقوال الشيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>