للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصطفى، كأنه قال: هذا شأن النفوس، وأنت يا محمد نفسك أشرف النفوس، فلتأخذْ بأكمل الأحوال.

ومن ذلك قوله تعالى: (يسألونك عن الأهِلَّةِ) .

فقد قيل: أي رابط بين أحكام الأهلّة وبين حكم إتيان البيوت من أبوابها؟

وأجيب بأنه من باب الاستطراد، لما ذكر أنها مواقيت للحج، وكان هذا من

أفعالهم في الحج - كما ثبت في سبب نزولها - ذكر معه من باب الزيادة في الجواب على ما في السؤال على حد: سئل عن ماء البحر، فقال: هو الطَّهُورُ ماؤُه الحِلّ مَيْتَته.

ومن ذلك قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) .

فقد يقال: ما وجه اتصاله بما قبله، وهو قوله: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) .

فقال الشيخ أبو محمد الجويني في تفسيره: سمعت أبا الحسن الدهان يقول: وجه اتصاله هو أن تخريب بيت المقدس قد سبق، أي فلا يَجْرِمَنَّكم ذلك واستقبلوه، فإن لله المشرق والمغرب.

[فصل]

من هذا النوع مناسبة السور.

وقد أفردت فيه جزءاً لطيفاً سميته مراصد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع.

وانظر إلى سورة القصص كيف بدئت بأمر موسى ونصرته، وقوله: (فلَنْ

أكُونَ ظَهيراً لِلْمُجْرِمين) القصص: ١٧.

وخروجه من وطنه.

وختمت بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بألا يكون ظهيراً للكافرين، وتسليته عن إخراجه من مكة، ووعده بالعود إليها، لقوله في أول السورة: (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) القصص: ٧.

قال الزمخشري: وقد جعل الله فاتحة سورة المؤمنون: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) .

وأورد في خاتمتها: (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (١١٧) .

فشتان ما بين الفاتحة والخاتمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>