للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا لآبائهم رسول ينذرهم.

وقيل المعنى لتنذر قوماً مثل ما أنذر آباؤهم، فما على هذا

موصولة بمعنى الذي أو مصدرية، والأول أرجح، لقوله: (فهم غافلون) .

يعني أنَّ غفلتهم بسبب عدم إنذارهم، ويكون بمعنى قوله: (ما أتاهم مِنْ نذير) .

ولا يعارض هذا بعث الأنبياء المتقدمين، فإن هؤلاء القوم لم يدركوهم ولا آباؤهم الأقدمون.

(مَنِ اتّبعَ الذكرَ وخَشِيَ الرحْمنَ بالغَيْبِ) .

أي غير مشاهِدٍ له، إنما يصدّق رسوله ويسمع كتابه.

فإن قلت: كيف قرن بالخشية الاسم الدالَّ على الرحمة في يس وق، وفي فاطر، أضافه للربوبية؟

وجوابك: معناه في فاطر أن الإنذار لا ينفع إلا الذين يخشَوْن ربَّهم وهم

غائبون عن عذابه وغائبون عن الناس، فخشيتهم حقّ لا رياء، وليس المعنى

اختصاصهم بالإنذار.

بالغيب في موضع الحال من الفاعل في " يخشون "، وإنما

ذكر الرحمة مع الخشية لقصد المبالغة في الثناء على من يخشى الله، لأنه يخشاه مع علمه بحلمه ورحمته.

قال الزمخشري: ويحتمل أن يكون الجواب عن ذلك أن

الرحمن قد صار يستعمل استعمال الاسم، كقولنا الله.

(مَنْ لا يَسْألكم أجْراً) :

هذا من قول حبيب النجار لقومه، يعني أن هؤلاء المرسلين لا يسألونكم أجرة على الإيمان فتخسرون معهم ويثقل عليكم، وإنما يطلبونكم لمنفعتكيم الأخروية، والذي يطلبك لنفسك من غير طمع

في دنياك أوْلى باتباعه لتمحض نصحه، ثم دلّهم على اتباعه.

(مالي لا أَعْبدُ الذي فَطَرنِي) : معناه أي شيء يمنعني عن

عبادة ربي، وهذا توقيف وإخبار عن نفسه قصد به البيان لقومه ولذلك قال

لهم: (وإليه ترجعون) ، فخاطبهم بخطاب من يشاهدون رجوعَ

قومهم واحدا بعد واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>