للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(صَافَّات) :

اختلف فيها، فقيل هي الملائكة التي تصفّ في

السماء صفوفاً لعبادة الله.

وقيل: هي مَنْ يصف مِنْ بني آدم في الصلاة والجهاد

والأول أرجح، لقوله عن الملائكة: (وإنا لنحن الصافّون) .

وأما قوله: (والطير صافَّات) فمعناه أنهن يصففن

أَجْنِحتهنّ في الهواء.

(صافِنَات) :

جمع صافن، وهو الفرس الذي يرفع إحدى

يدَيْه أو رِجْليه، ويقف على طرف الآخر.

وقيل: الصافن هو الذي يسوّي يديه.

والصفَن علامة على فراهة الفرس والجياد السريعة الجَرْي.

واختلف الناس في قصص هذه الآية.

فقال الجمهور: إنَّ سليمانَ عليه السلام عرضت عليه خَيْلٌ كان وَرثها عن أبيه.

وقيل: أخرجتها له الشياطين من البَحْر، وكانت ذوات أجنحة، وكانت ألف فرس، وقيل أكثر، فتشاغل بالنظر إليها

حتى غربت الشمس وفاتته صلاة العشيِّ، وقيل العصر، فأسف لذلك، وقال: ردّوا عليَّ الخيل، فطفق يضرب أعناقَهها وعراقيبها بالسيف حتى عَقَرها (١) لمّا كانت سبباً لفَوت الصلاة، ولم يترك منها إلا اليسير، فأبدله الله أسرعَ منها وهي الريح.

فإن قلت: تفويتُ الصلاة ذَنْبٌ لا يفعله سليمان، وعقْر الخيل لغير فائدة لا

يجوز، فكيف يفعله سليمان، وأي ذنْب للخيل في تفويت الصلاة؟

فالجواب: إنما عقرها لمجاعةٍ كانت بالناس، فتقرَّب بها إلى الله في إطعامهم

لها، لا سما على قول: إنه لم تَفتْه صلاة، ولا عقر الخيل، بل كان يصلّي

فعرضت عليه الخيل، فأشار إليهم فأزالوها حتى دخلت اصطبلاتها، فلما فرغ من الصلاة قال: ردّوها عليَّ فطفق يمسح عليها بيده كرامةً ومحبةً.

وقيل المسح عليها إنما كان وَسْماً في سُوقها وأعناقها، للحبس في سبيل الله.

وقد حكي أنَّ عبد الله بن المبارك فاتَتْه تكبيرة الإحرام مع الإمام بسبب بيْع

باعَهُ، فربح فيه ألْفَ دينار، فتصدَّق بها عسى أن يكون كفَّارةً لتلك التكبيرة.


(١) من الإسرائيليات المنكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>