للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{سُورَةٌ} خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي هذه سورةٌ وإنَّما أُشير إليها مع عدمِ سبقِ ذكرِها لأنَّها باعتبار كونِها في شرف الذِّكرِ في حكم الحاضِرِ المشاهَد وقولُه تعالَى {أنزلناها} معَ ما عُطف عليه صفاتٌ لها مؤكِّدةٌ لما أفادَهُ التنكيرُ من الفخامة من حيثُ الذَّاتُ بالفخامة من حيثُ الصِّفاتُ وأمَّا كونُها مبتدأً محذوفَ الخبرِ على أنْ يكونَ التَّقديرُ فيما أوحينا إليك سورةٌ أنزلناها فيأباهُ أنَّ مُقتضى المقام بيانُ شأن السُّورةِ الكريمةِ لا أنَّ في جُملة ما أُوحي إلى النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم سورةً شأنُها كَذا وكَذا وحملُها على السُّورةِ الكَريمةِ بمعونةِ المقامِ يُوهم أنَّ غيرَها من السُّورِ الكريمةِ ليستْ على تلكَ الصِّفاتِ وقرئ بالنصب على إضمار فعلِ يُفسِّره أنزلناهَا فلا محلَّ له حينئذٍ من الإعرابِ أو على تقديرِ اقرأْ ونحوه أو دونك عند من يُسوِّغُ حذفَ أداةِ الإغراءِ فمحلُّ أنزلنا النَّصبُ على الوصفيَّةِ {وفرضناها} أي أو أوجبنَا ما فيها من الأحكامِ إيجاباً قطعيًّا وفيه من الإيذانِ بغايةِ وكادةِ الفرضيَّةِ ما لا يَخْفى وقرئ فرَّضناها بالتَّشديدِ لتأكيدِ الإيجابِ أو لتعددِ الفرائضِ أو لكثرةِ المفروضِ عليهم من السَّلفِ والخلفِ {وَأَنزَلْنَا فِيهَا} أي في تضاعيفِ السُّورةِ {آيات بَيّنَاتٍ} إنْ أُريد بها الآياتُ التي نِيطتْ بها الأحكامُ المفروضةُ وهو الأظهرُ فكونُها في السُّورةِ ظاهرٌ ومعنى كونِها بيناتٍ وضوحُ دلالاتِها على أحكامِها لا على معانيها على الإطلاقِ فإنَّها أسوةٌ لسائرِ الآياتِ في ذلكَ وتكريرُ أنزلنا معَ استلزام إنزالِ السُّورةِ لإنزالِها لإبرازِ كمالِ العنايةِ بشأنِها وإنْ أُريد جميعُ الآياتِ فالظَّرفيةُ باعتبار اشتما ل الكلِّ على كلِّ واحدٍ من أجزائِه وتكريرُ أنزلنا مع أنَّ جميعَ الآياتِ عين السورة وإنزالها عين إنزالها لاستقلالها بعنوان رائق داع إلى تخصيصِ إنزالِها بالذِّكرِ إبانةً لخطرِها ورفعاً لمحلِّها كقوله تعالى ونجيناه مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ بعد قوله تعالى ونجينا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مّنَّا {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} بحذفِ إحدى التَّاءينِ وقرئ بإدغامِ الثَّانيةِ في الذَّالِ أي تتذكرونها فتعلمون بموجبِها عند وقوعِ الحوادثِ الدَّاعيةِ إلى إجراءِ أحكامِها وفيه إيذانٌ بأنَّ حقَّها أنْ تكونَ على ذكرٍ منهم بحيثُ مَتَى مسَّتِ الحاجةُ إليها استحضرُوها

<<  <  ج: ص:  >  >>