للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ} كلامٌ مبينٌ لمحاسنهم القوليةِ معطوفٌ على ما قبله من الجُمل المبيِّنةِ لمحاسنهم الفعلية وقولهم بالنصب خبرٌ لكان واسمُها أن وما بعدها في قوله تعالى

{إلا أن قَالُواْ} والاستثناءُ مفرَّغٌ من أعم الأشياء ما كانَ قولاً لهم عند أي لقاء للعدو واقتحامِ مضايق الحربِ وإصابةِ ما أصابهم من فنون الشدائد والأهوال شئ من الأشياءِ إِلَاّ أَن قالوا

{ربَّنَا اغفر لَنَا ذُنُوبَنَا} أي صغائرَنا

{وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا} أي تجاوزْنا الحدَّ في ركوب الكبائرِ أضافوا الذنوبَ والإسرافَ إلى أنفسهم مع كونهم ربانيين برءاء من التفريط في جنب الله تعالى هضما لها واستقصارا لهممهم وإسناداً لما أصابهم إلى أعمالهم وقدّموا الدعاءَ بمغفرتها على ما هو الأهمُّ بحسب الحال من الدعاء بقولهم

{وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا} أي في مواطن الحربِ بالتقوية والتأييدِ من عندك أو ثبتْنا على دينك الحقِّ

{وانصرنا عَلَى القوم الكافرين} تقريباً له إلى حيز القَبول فإن الدعاءَ المقرونَ بالخضوع الصادرَ عن زكاء وطهارةٍ أقربُ إلى الاستجابة والمعنى لم يزالوا مواظبين على هذا الدعاءِ من غير أن يصدُرَ عنهم قولٌ يوهم شائبةَ الجزَعِ والخَوَرِ والتزلزُلِ في مواقف الحربِ ومراصدِ الدين وفيه من التعريض بالمهزمين مالا يخفى وقرأ ابنُ كثير وعاصمٌ في رواية عنهما برفع قَوْلُهُمْ على أنه الاسمُ والخبرُ أنَّ وَمَا في حيزِها أي ما كان قولُهم حينئذ شيئاً من الأشياءِ إلا هذا القول المنبىء عن أحاسن المحاسنِ وهذا كما ترى أقعدُ بحسب المعنى وأوفق بمقتضى المقام لما أن الإخبارَ بكون قولِهم المطلقِ خصوصيةَ قولِهم المحكيِّ عنهم مفصلاً كما تفيده قراءتهما اكثر إفادة للسامع

<<  <  ج: ص:  >  >>