للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ) .

وقد خَطَّأَ الفادي القرآنَ لمخالفته ما وَرَدَ في الكتابِ المقَدَّس.

قال: " ولكنَّ الكتابَ المقَدَّسَ يُعَلِّمُنا أَنَ بني إِسرائيل خافوا من الله، وقالوا لموسى: " تَكَلَّمْ أَنتَ مَعَنا، ولا يتكلم اللهُ معنا لئَلّا نَموت " ...

فعكسَ القرآنُ الموضوعَ، وقالَ: إِنَّ بني إِسرائيلَ طَلَبوا أَنْ يَرَوُا الله فأَماتَهم اللهُ بالصاعقة، ثم بَعَثَهم ثانية..

ولعلَّ الدافعَ على هذا أَنْ يُخيفَ العَرَبَ الذينَ سأَلوا محمداً أَنْ

يَنزّلَ لهم كتاباً من السماء ... " (١) .

يَزعمُ الفادي أَنَّ بَنِي إِسرائيل لم يَطْلُبوا أَنْ يَرَوُا اللهَ جهرة، كما ذَكَرَ

القرآن، وإِنَّما طَلَبوا أَنْ لا يُكَلِّمَهم الله، لأَنهم خافُوا إِنْ كَلَّمَهم أَنْ يَموتوا.

ونحنُ لا يَعنينا ما قالَه الأَحبارُ في سِفْرِ الخروج، إِنما يَعْنينا ما ذَكَرَهُ

القرآن، لأَنَّه عِندنا أَمْرٌ يَقينيّ جازم.

لقد كان بَنو إِسرائيلَ جاهِلين، غَيْرَ مُعَظِّمينَ لله، فقد ظَنُّوا أَنه يُمكنُ أَنْ يَرَوا الله بعيونِهم، وظَنُّوا أَنَّ موسى - صلى الله عليه وسلم - يرى الله عندما يُكلِّمُه ويُناجيه، فحسدوهُ وغَاروا مِنْه، وطَلَبوا أَنْ يَرَوا الله بِعيونِهم، كما يَرى هو اللهَ بعينَيْه..

علماً أَنَّ موسى - عليه السلام - لم يَرَ رَبَّه، وعندما سأَلَ اللهَ أَنْ يرَاهُ أَخْبَرَه أَنه لنْ يَراه.

قال تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣) .

وقد عَلَّقَ بنو إِسرائيل الجاهلين إيمانَهم لموسى واستسلامَهم وطاعتَهم له

على رؤيتِهم اللهَ جهرةً بعيونِهم، وطَلَبوا منه أَنْ يَطْلُبَ مق الله أَنْ يَنزلَ أَمامَهم، ويُخاطِبَهم، فَيَرَوْهُ ويُشاهدوه وتسمعوه!! عند ذلك عاقَبهم، فأَخَذَتْهم الصاعقة،


(١) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:
١٠٥- هل طلبوا رؤية الله؟
إن فى القرآن أن بنى إسرائيل طلبوا رؤية الله. وفى التوراة أنهم قالوا لموسى: " تكلم أنت معنا، ولا يتكلم معنا الله؛ لئلا يموت " [خر ٢٠: ١٩] فعكس القرآن الموضوع.
الرد على الشبهة:
إن المؤلف جاهل بما فى كتابه. وإن فيه:
أ - أن اليهود رأوا الله.
ب - وأن موسى طلب رؤية الله.
ج - وأنهم طلبوا أن لا يروا الله.
(أ) فموسى لما أخذ العهد على اليهود أن يعملوا بالتوراة، بكّر فى الصباح وبنى مذبحاً فى أسفل الجبل. وأخذ العهد. ثم قال الكاتب: " ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرئيل ورأوا إله إسرائيل، وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف وكذات السماء فى النقاوة، ولكنه لم يمد يده إلى أشراف بنى إسرائيل فرأوا الله وأكلوا وشربوا " [خروج ٢٤: ٩ - ١١] .
(ب) وطلب موسى رؤية الله " فقال: أرنى مجدك " ورد عليه بقوله: " لا تقدر أن ترى وجهى. لأن الإنسان لا يرانى ويعيش " [خر ٣٣: ١٨] .
(ج) ولما تجلى الله للجبل؛ حدث من هيبته حال التجلى نار ودخان وارتجف
كل الجبل جداً. فارتعب بنو إسرائيل من هذا المنظر، وقالوا لموسى: إذا أراد الله أن يكلمنا مرة أخرى؛ فليكن عن طريقك يا موسى ونحن لك نسمع ونطيع. فرد الله بقوله: أحسنوا فيما قالوا. وسوف أكلمهم فى مستقبل الزمان عن طريق نبى مماثل لك يا موسى من بين إخوتهم وأجعل كلامى فى فمه؛ فيكلمهم بكل ما أوصيه به [تث ١٨: ١٥ - ٢٢] . اهـ (شبهات المشككين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>