للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانتْ تفَاصيلُ الصيحةِ الواحدةِ التي أَخذَتْهم وأَهلكَتْهم وجعلَتْهم خامدين!!.

ولم يَرِدْ حديث صَحيحٌ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفَسِّرُ بعضَ المبهماتِ في قصةِ أَصحابِ القرية، ويُوَضَحُ بعض التفاصيل، ولو وَرَدَ لَقُلْنا به..

فالواجبُ علينا أَنْ نبقى مع القرآنِ في حديثهِ عن القصة، ونسكتَ عن ما سكَتَ عنه، ولا نُبَيِّنَ بعضَ المبهماتِ التي أَبهمها القرآنُ عمداً!.

ولكنَّ كثيراً من المفَسِّرين لم يَفْعَلوا ذلك، وذَهَبوا إِلى الأَخبارِ والرواياتِ

التي لم تثبت، والإِسرائيلياتِ التي تُفَصِّلُ الكلام، وفَسَّروا بها كلامَ الله، وبَيَّنوا بها المبهماتِ التي أَبهمها القرآن.

ومن ذلك ما فعلَه الإِمامُ البيضاويُّ في تفسيرِ قصةِ أَصحابِ القريةِ في

سورةِ يسَ، مما جعلَ الفادي ينتقدُه، ويُحَمِّلُ القرآنَ خَطَأَه!.

قال: " (أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ) : القريةُ هي إِنطاكية.

(إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) : هم رسلُ عيسى - عليه السلام -.

(إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ) : لأَنه فِعْلُ رسولِه وخليفتِه، وهما يَحيى ويونس، وقيل: غيرهما.

(فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) : هو شمعون.

(فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) : وذلك أَنهم كانوا عبدةَ أصنام، فأَرسلَ إِليهم

عيسى - عليه السلام - اثْنَيْن، فلما قَرُبا من المدينةِ رأَيا حبيباً النجار يَرعى غنماً، فسأَلَهما فأَخبراه، فقال: أَمعكما آية؟

فقالا: نَشْفي المريضَ، ونُبرئُ الأَكْمَهَ والأَبرص، وكان له ولد، فَمَسحاه فَبَرأ، فآمَنَ حَبيب، ففشا الخَبَرُ، وشُفيَ على أَيديهما خَلْق كثير.

وبَلَغَ حديثُهما إِلى الملك، فقالَ لهما: أَلَنا آلهة سوى أَصنامِنا؟

قالا: نعم، مَنْ أَوجدَك وآلهتَك؟ ...

قال: حَتّى أَنظرَ في أَمْرِكما، فحبَسَهما..

ثم بَعَثَ عيسى شمعون، فدخَلَ مُتَنكراً، وعاشَرَ أَصحابَ الملك ...

، فأَنس به الملك، فقالَ له يوماً: سمعتُ أَنك حبستَ رجلَيْن فهل

سمعْتَ ما يَقولان؟

قال: لا.

فَدَعاهما.

فقال شمعون: مَنْ أَرسلكما؟

قالا: اللهُ الذي خَلَقَ كُلَّ شيء، وليس له شريك.

فقال: صِفَاه وأَوْجِزا.

فقالا: هو يَفعلُ ما يشاءُ ويحكُمُ بما يُريد.

فقال: وما آيَتُكما؟

قالا: ما يَتَمنّى الملِك.

<<  <  ج: ص:  >  >>