للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَقفُ عليه وهو يَبْني الكعبة، حيثُ كانَ ابنُه إِسماعيلُ - عليه السلام - يُناولُه الحجارة، وكان هو يَقفُ على الحَجَر، وكان ذلك الحجرُ مُلْتصقاً بالكعبة، ثم أَبْعَدَه عمرُ عن الكعبة لئلا يَشُقَّ الطوافُ على الطائفين.

وقد اقترحَ عمرُ - رضي الله عنه - على رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُصلِّيَ الطائفون ركعَتي الطوافِ عندَ مَقامِ إِبراهيم، وهما ركْعَتا السنَّةِ اللَّتان يُصَلّيهما الطائفُ بعد الانتهاءِ من الطواف، فأَقَرَّه الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - على اقتراحِه.

وأَنزلَ اللهُ قولَه تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) .

وهو يَدُلُّ على صحةِ اقتراحِ عمرَ - رضي الله عنه - وفطنتِه

وبُعْدِ نَظَرِه.

وقالَ عن القولِ الثاني لعُمَر: " ومَرَّةً قالَ عمر: يا رسولَ الله! إِنَّ نِساءَك

يَدخلُ عليهن البَرُّ والفاجر، فلو أَمرتَهن أَنْ يحتجبْنَ.

فجاءَ قرآنٌ يقول: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) .

والروايةُ صحيحة، دالّةٌ على بُعْدِ نَظَرِ عمرَ - رضي الله عنه -، فَرَغْمَ أَنَّ أَزواجَ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - مُحَرَّماتٌ على المسلمين، إِلَّا أَنَّ بعضَ المسلمين قد تَخطرُ لهم خواطرُ السوءِ نحوهن، ولذلك اقترحَ عمرُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يأْمرهن بالحجاب، لأَنه يدخلُ عليهنَّ البَرُّ والفاجر، وهذا من فَرْطِ غيرتِه عليهن.

وأَنزلَ اللهُ الآيةَ يأمُرُه بذلك، مما يدلُّ على صحةِ اقتراحِ عمر - رضي الله عنه -.

وقالَ الفادي عن القولِ الثالث: " ومَرَّةً اجتمعَ نساءُ محمدٍ في الغيرة.

فقالَ عمرُ لهنّ: عسى ربُّه إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَه أَزواجاً خيراً منكن.

فجاءَ قرآنٌ يقول: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ) .

والروايةُ صحيحة، فقد اجْتمعَتْ أَزواجُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، واتَّفقْنَ على أَنْ يُطالبنَه بالتوسعةِ عليهن، وزيادةِ نفقتِهنَّ، فتألَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من مَطالبهن، فوعَظَهُنَّ عمرُ - رضي الله عنه - وذَكَّرَهُنَّ وهَدَّدَهُنَّ، وقالَ لهنّ: إِنْ طَلَّقَكنَّ فعسى ربُّه أَنْ يُبدلَه أَزواجاً خيراً منكُنّ.

فأَنزلَ اللهُ تعالى قوله: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>