للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعترضَ على ما تُقَرِّرُهُ هذه الآيات، واعتبرَه لا يَتفقُ مع رحمةِ اللهِ

وعَدْلِه؟

قال: " ونحنُ نَسأل: أَيُّ إِلهٍ هذا، الذي يُضلُّ الناسَ الذينَ خَلَقَهم،

ليَملأَ بِهم جهنَّم، بعدَ أَنْ قضى بهذا منذُ الأَزَل قضاءً مُبرماً لا مَفَرَّ منه

بالضَّلالةِ والعذاب؟

فأينَ كَرامةُ الإِنسان؟

وأَينَ حريةُ إِرادتِه؟

وما معنى الأَوامِرِ والنَّواهي والشرائعِ، والترغيبِ بالثوابِ والتحذيرِ بالعقاب؟ ".

يُريدُ الفادي أَنْ يَقول: كيفَ يُضلُّ اللهُ النّاسَ الذينَ خَلَقَهم؟

وكيفَ كَتَبَ عليهم الضلالَ منذُ الأَزَل؟

وكيف خَلَقَهم إِلى النار؟

وإِذا كانوا مَخْلوقينَ إِلى النارِ فأَين إِرادَتُهم واختيارُهم؟

وما فائدةُ التكاليفِ والشرائعِ والأَوامر؟.

يتكلمُ الفادي عن قضيةٍ معروفةٍ في الفكر الإِسلاميِّ بقضيةِ " الجَبْرِ

والاختيار " وهل الإِنسانُ مُسَيَّر أَو مُخَيَّر؟

وكَثُرَ حولَهَا الكلامُ عند رجالِ الفرقِ الإِسلامية.

وقد كانَ كَلامُ القرآنِ واضِحاً حولَ هذه القضية.

ونُلَخِّصُ الكلامَ عنها بالإِشاراتِ السريعةِ التالية:

اللهُ الخالقُ لكُلِّ شيءٍ في هذا الوُجود، وكُلُّ شيء يكونُ بإِذْنِ الله

ومشيئتِه وإِرادتِه، وحاشَ لله أَنْ يَقعَ شيء في الكونِ رَغْماً عنه، فالخيرُ والشرّ، ْوالكفرُ والإِيمان، والطاعةُ والمعصية، كلُّ ذلك بإِرادتِه سبحانه، لكنَّه لا يَرضى الكفْرَ والمعصيةَ والشَّرّ، ولا يَقْبَلُ ذلك من أَصحابِه، ولذلك يُعاقِبُهم عليه، أَمّا الإِيمانُ والطاعةُ فإنه يَرضاهما، ويقبَلُهما من أصحابهما، ويثيبهُم عليهما!.

وكَرَّمَ اللهُ الإِنسانَ الذي خَلَقَه، ومَنَحَه القدرةَ على اختيارِ ما يُريد، ولم

يُجْبِرْه على أَيِّ شيء، إِيماناً أَو كفراً، طاعةً أَو معصية، فالإِنسانُ يخْتارُ طريقَه بحريتِه وإِرادتِه، يُمكنُ أَنْ يَختارَ الإِيمانَ والطاعةَ بحريتِه وإرادتِه، ويمكنُ أَنْ يَختارَ الكفرَ والضلالَ بإِرادتِه وحريتِه، واللهُ لا يُجْبِرُه على هذا، ولا على هذا!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>