للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجمعُ " إِلْياسِيّ ": " إِلْياسِيّون " بالياءِ المشَدَّدَة.

كما تقول في "شافِعيّ " شافِعِيّونَ".

ثم حُذِفَتْ إِحدى الياءَيْنِ للتَّسهيل، فصارت الكلمةُ " إِلْياسون "

وعندما جُرَّتْ بحرفِ الجَرِّ صارَتْ: (سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ) .

والمرادُ بكلمةِ (إِلْ يَاسِينَ) على هذا التوجيه " آل إِلْياس "، فآل إِلياس هم

" إلْياسون "، وهم المؤمنونَ به (١) .

أَمَّا (وَطُورِ سِينِينَ) : فهو اسْمٌ مكَوَّنٌ من جزأَيْن: (طُورِ) : وهو اسْمُ جَبَلِ

الطورِ الذي ذُكِرَ عدةَ مراتٍ في القرآن، وهو الموجودُ في سيناء، وناجى عليه موسى - عليه السلام - رَبَّه.

و (سِينِينَ) : وهو اسْمٌ لصحراءِ سيناءَ المعروفة، التي تَفْصِلُ بينَ مصرَ

وفلسطين.

وهي المرادَةُ في قوله تعالى: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠) .

وبالجمعِ بينَ آيةِ سورةِ المؤمنون (طُورِ سَيْنَاءَ) وآيةِ سورةِ التين (وَطُورِ

سِينِينَ) نعرفُ أَنَّ للصحراءِ الواقعةِ بينَ مصرَ وفلسطين اسْمَيْنِ في القرآن:

سيناء، وسينين، والكلمتان أَعجميتان.

وبهذا نعرفُ أَنَّ القرآنَ لم يَجْمَع اسْمَ العلمِ الأَعجميِّ المفرد، لأَنَّ هذا

لا يَجوزُ في اللغة، وأَنَّه لم يَفعلْ ذلك حُبًّا في السَّجْعِ المتكَلَّف، كما اتَهمه

الفادي الجاهلُ بذلك!! (١) .

***

[بين اسم الفاعل والمصدر]

اعترضَ الفادي على صياغةِ قول اللهِ: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) .

واعتراضُه على جملةِ (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) ، حيثُ جاءَ خَبَرُ

" لكنَّ " اسْمَ موصول، والموصول وصلتُه هنا بمعنى اسم الفاعل.

والتقدير: ولكنَّ البرَّ المؤمنُ بالله!.


(١) قال السمين:
قوله: {على إِلْ يَاسِينَ} :
قرأ نافعٌ وابن عامر {على آلِ يَاسِينَ} بإضافةِ «آل» بمعنى أهل إلى «ياسينَ» . والباقون بكسرِ الهمزةِ وسكونِ اللامِ موصولةً ب «ياسين» كأنه جَمَعَ «إلياس» جَمْعَ سلامةٍ. فأمَّا الأُوْلى: فإنَّه أراد بالآل إلياسَ وَلَدَ ياسين كما تقدَّم وأصحابَه. وقيل: المرادُ بياسين هذا إلياسُ المتقدمُ، فيكونُ له اسمان. وآلُه: رَهْطُه وقومُه المؤمنون. وقيل: المرادُ بياسينَ محمدُ بن عبد الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
وأمَّا القراءةُ الثانيةُ فقيل: هي جمعُ إلياس المتقدمِ. وجُمِعَ باعتبارِ أصحابِه كالمَهالبةِ والأَشاعثةِ في المُهَلَّبِ وبنيه، والأَشعثِ وقومِه، وهو في الأصلِ جمعُ المنسوبين إلى إلياس، والأصلُ إلياسيّ كأشعَريّ. ثم اسْتُثْقِل تضعيفُهما فحُذِفَتْ إحدى ياءَي النسَب/ فلمَّا جُمِعَ سَلامةٍ التقى ساكنان: إحدى الياءَيْن وياءُ الجمعِ، فحُذِفَتْ أولاهما لالتقاءِ السَّاكنين، فصار إلياسين كما ترى. ومثلُه: الأَشْعَرُون والخُبَيْبُون. قال:
٣٨٢٠ قَدْنِيَ مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبَيْنِ قَدِيْ ... وقد تقدَّم طَرَفٌ من هذا آخر الشعراء عند «الأَعْجَمِيْن» .
إلاَّ أنَّ الزمخشريَّ قد رَدَّ هذا: بأنَّه لو كان على ما ذُكِر لَوَجَب تعريفُه بأل فكان يُقال: على الإِلياسين.
قلت: لأنه متى جُمِعَ العَلَمُ جَمْعَ سَلامةٍ أو ثُنِّي لَزِمَتْه الألفُ واللامُ؛ لأنه تَزُوْلُ عَلَميَّتُه فيقال: الزيدان، الزيدون، الزينبات ولا يُلْتَفَتُ إلى قولهم: جُمادَيان وعَمايتان عَلَمَيْ شهرَيْن وجبلَيْن لندورِهما.
وقرأ الحسن وأبو رجاء «على إلياسينَ» بوصلِ الهمزةِ على أنه جَمْعُ إلياس وقومِه المنسوبين إليه بالطريق المذكورة.
وهذه واضحةٌ لوجودِ أل المعرفةِ فيه كالزيدِيْن. وقرأ عبد الله «على إدْراسين» لأنَّه قرأ في الأول «وإنَّ إدْريَس» . وقرأ أُبَيٌّ «على إيليسِيْنَ» لأنه قرأ في الأول «وإنَّ إيليسَ» كما حَرَّرْتُه عنه. وهاتان تَدُلاَّن على أن إلياسينَ جَمْعُ إلياس. اهـ (الدر المصون) .
(٢) قوله: {وَطُورِ سِينِينَ} : الطُّور جَبَلٌ. وسينين: اسم مكانٍ فأُضيف الجبل للمكان الذي هو به. قال الزمخشري: «ونحو سِينون يَبْرُوْن في جواز الإِعرابِ بالواو والياء والإِقرارِ على الياءِ وتحريكِ النونِ بحركات الإِعراب» وقال أبو البقاء: «هو لغةٌ في سَيْناء» انتهى. وقرأ العامَّةُ بكسرِ السين. وابنُ أبي إسحاق وعمرو بن ميمون وأبو رجاءٍ بفتحها، وهي لغةُ بكرٍ وتميم. وقرأ عمر بن الخطاب وعبد الله والحسن وطلحة «سِيْناءَ» بالكسر، والمد، وعمرُ أيضاً وزيدُ بن علي بفتحِها والمدِّ، وقد ذُكِرا في المؤمنين، وهذه لغاتٌ اختلفَتْ في هذا الاسمِ السُّرْيانيِّ على عادةِ العرب في تلاعُبها بالأسماء الأعجميةِ. وقال الأخفش: «سينين شجرٌ، الواحدةُ سِيْنِية» وهو غريبٌ جداً غيرُ معروفٍ عن أهلِ التفسير. اهـ (الدر المصون) .

<<  <  ج: ص:  >  >>