للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل هذه روايةُ البخاري؟

وهل كان الفادي أَميناً في النّقل؟

لِنقرأ الروايةَ من صحيحِ البخاري، ولْنقارنْ بينَ الكلامِ الذي فيه، والكلامِ الذي نَقَلَهُ الفادي عنه.

روى البخاريُّ عن عائشةَ - رضي الله عنها - قالَتْ: " خَرَجْنا مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بَعْضِ أَسفارِه، حتى إِذا كُنّا بالبَيْداء، أَوْ بذاتِ الجَيْش، انقطعَ عِقْدٌ لي، فأَقامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على الْتماسِه، وأَقامَ الناس معه، ولَيْسوا على ماء..

فأَتَى الناسُ إِلى أَبي بكر الصّدّيق، فقالوا: أَلا ترى ما صَنَعَتْ عائشةُ؟

أَقامَتْ برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والناسِ، ولَيْسوا على ماء، وليس مَعهم ماءٌ.

فجاءَ أَبو بكر، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - واضع رأسَه على فَخِذي قَدْ نَام، فقال: حَبَسْتِ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -

والنّاسَ، ولَيْسوا على ماء، وليسَ معهم ماء! فعاتبَني أَبو بكر، وقالَ ما شاءَ اللهُ أَنْ يَقول، وجَعَلَ يَطْعَنُني بيدِه في خاصِرَتي، فلا يَمنعُني من التحرُّكِ إِلّا مَكانُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على فَخذي، فقامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حينَ أَصبحَ على غيرِ ماء، فأَنزلَ اللهُ آيةَ التيمّم، فتيمموا..

فقال أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْر: ما هي بأولِ بركتِكم يا آلَ أَبي بكر ...

فَبَعَثْنا البعيرَ الذي كنتُ عليه، فأَصَبْنا العِقْدَ تَحْتَه " (١) .

الفادي المفترِي حَريصٌ على حَذْفِ كلمةِ " رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من الرواية، ووضْع الاسمِ المجرَّدِ " محمد " مكانَها.

ولو كان أَميناً في النَّقْلِ لَنَقَلَ العبارةَ كما هي، مع أَنه لا يُؤمنُ أَنَّ محمداً هو رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.

وصرَّحَتْ عائشةُ - رضي الله عنها - بأَنَّ اللهَ أَنزلَ آيةَ التيمم في صَباحِ تلك الليلة، فتيممَ المسلمونَ بعدَ نزولِ الآية.

والفادي المفترِي لا يُريدُ الإِخبارَ عن إِنزالِ الوحي من عندِ الله، حتى لو كان يَنْقُلُ من نَصٍّ أَمامَه! ولذلك زَعَمَ أَنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أَمرهم بالتيممِ من عندِ نفسه: " وحَضرت الصبحُ فالتُمِسَ

الماءُ فلم يوجَدْ، فاستَعْوَضَه بالتُّراب "!

وهذه الجملةُ غيرُ مذكورةٍ في الأَصل!

لكنَّها من تلاعُبِ الفادي وتحريفه.


(١) صحيح البخاري، كتاب التيمم، باب التيمم، حديث رقم: (٣٣٤) ؟
وصحيح مسلم، كتاب الحيض، باب التيمم، حديث رقم: (٣٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>