للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يقف الجاهلُ عند - حديثِ القرآنِ عن الدَّابّة، وذهبَ إِلى بعضِ الكتبِْ

التي لا تتحرَّى الصحيحَ فيما تَذْكُر، وتَجمعُ كُلَّ ما وصلَ إِليها من أَخبارٍ

وروايات، ولو لم تصحّ، وأَخَذَ منها تلكَ الخرافاتِ التي نرفضها نحنُ أَيضاً،

وحَمَّلَها للقرآنِ، وأَدانَه وخَطَّاَه بسببِها!.

لم يصحّ حديثٌ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حولَ الدّابّةِ وخُروجِها وصِفاتِها وأَعمالِها، ونتوقَّفُ في الرواياتِ غيرِ الصحيحة التي تحدَّثُ عنها، والتي ذَكَرَها بعضُ المفسِّرين سامَحهم الله، ولا نَعتمدُها لعدمِ ثُبوتِها.

وهذا معناهُ أَنْ نبقى مع القرآنِ في إِشارتِه لها، ولا نَزيدُ عليه شيئاً آخَر.

ونقولُ للفادي الجاهل: ليس في كلامِ القرآنِ عِن الدَّابّة ما يَتَعارَضُ مع العقلِ

والعلم، لأَنَّ اللهَ هو الذي سيخلقُ هذه الدابة في آخرِ الزمان، قُبيلَ قيامِ

الساعة، وسيجعلُ لها مهمَّةً خاصَّة، وبما أَنَّ الأَمْرَ أَمْرُه، والفعلَ فعلُه

سبحانَه، فلا غرابةَ فيه، ولا اعتراضَ عليه.

يُخبرُ اللهُ أَنه: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ) :

أَي اقتربَ وقْتُ تحقُّقِ ما أَخبرَ اللهُ عنه، وَوَعَدَ الناسَ به، وهو قربُ انتهاءِ الحياةِ الدُّنيا، وقيامِ الساعة.

(أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ) : اللهُ هو الذي سيُخرجُ للناسِ تلك الدابة،

وهو الفَعّالُ لما يُريدُ سبحانَه، ولا يُعجزُهُ أَيُّ شيءٍ في الأرضِ ولا في

السماء.

ولقد أَبهمَ القرآنُ صفال الدابَّة، فلم يذكُرْ عنها شيئاً، واكتفى بذكْرِ كلمةِ

" دابّة " نَكِرَة، وتَنكيرُها لإِبهامِها، وهذا التنكيرُ دعوةٌ لنا لعدمِ الخوضِ في

الدابة، وعدمِ محاولةِ معرفةِ ذلك.

لعدمِ وجودِ دليلٍ عليه، ولعدمِ تَحَقُّقِ الفائدةِ منه.

وهذه الدابَّةُ سيُخرجها اللهُ من الأَرض، بدونِ تَحديدِ مَكانِ خُروجها أَو

كيفيةِ خروجِها.

وهذه الدابةُ ستكلمُ الناسَ الأَحياءَ وَقْتَ خُروجِها: (تُكَلِّمُهُمْ) ، واكتفى

<<  <  ج: ص:  >  >>