للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِبراهيمَ - عليه السلام - كان " حَنيفاً "، ولهذا أَعلنَ كُلُّ واحدٍ منهم أَنه حنيف، يَقْتَدي بإِبراهيم - عليه السلام -، وسُمّوا بالحنفاء.

أَيْ أَنَّ دينَهم كانَ " الحنيفية "، القائمةَ على توحيدِ الله، وعدمِ الشركِ به.

وكان هؤلاء قبلَ بعثةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بمئاتِ السِّنين، ولم يتوقَّفْ وجودُ الحنفاءِ في بلادِ العرب منذُ إِسماعيلَ - عليه السلام -، ولم يكونوا في مكةَ وَحْدَها، إِنما كانوا موجودين في مختلفِ بلادِ العرب، كمكةَ والمدينةِ والطائف ونجد واليمن وعُمان وغيرها.

فلم يكونوا مجردَ أَربعةِ رجالِ كما زعم الفادي.

وكَذَبَ الفادي المفترِي عندما ادَّعى أَنَّ ورقةَ بنَ نوفل اعتنقَ النصرانية،

وذلك في قولِه: " فأَما وَرَقَةُ بنُ نوفل فاستحكَمَ في النصرانية، واتبعَ الكتبَ من أَهلِها، حتى عَلِمَ عِلْماً من علمِ أَهْلِ الكتاب ".

لقد بقيَ وَرَقَةُ على الحنيفية، ولم يَدخلْ في اليهوديةِ ولا في النصرانية،

لقد كان قارِئاً كاتِباً، مطَّلِعاً على التوراة، يقرأُ فيها، ويعرفُ النبوةَ والأَنبياء، لكنه لم يَعتنقْ أَيّاً من الديانتَيْن اليهوديةِ والنصرانية.

وبقيَ ورقةُ بنُ نوفلَ حَيّاً حتى بعثةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وكان قَريباً لزوجِه خديجةَ - رضي الله عنها -، وقد قابلَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - ورقةَ بعدَ نزولِ الوحيِ عليه، وثَبّتَه على الحَقّ.

روى البخاريُّ ومسلمٌ عن عائشةَ - رضي الله عنها - حديثَ " بدءِ الوحي " الطويل، ونسجلُ هنا الجزءَ المتعلقَ بورقة، قالت: " ... فقالَتْ خديجةُ لورَقَة: أَي عَمّ! اسمعْ من ابنِ أَخيك.

فقالَ له ورقة: يا بنَ أَخي ماذا تَرى؟ فأَخبره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ ما رآه.

فقالَ له ورقَة: هذا الناموسُ الذي أُنزلَ على موسى - عليه السلام -، يا لَيْتَني فيها جَذَعاً، يا لَيْتَني أَكونُ حيّاً إِذْ يخرجُك قومُك! فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -.

((أَوَ مُخْرِجيَّ هُمْ؟ ".

قَالَ ورقَة: نَعَمْ. لم يأتِ رجلٌ قَط بمثْلِ ما جئْتَ به إِلّا عودِي، وإِنْ يدركْني يومُك أَنْصرْكَ نَصراً مُؤَزَّراً.

ثم لم يَنشِب ورقةُ أَنْ تُوُفَي ".

<<  <  ج: ص:  >  >>