للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومتمم مَا أغفلاه بِمَا زَاد عَلَيْهِمَا من التعقبات بالأنقال والمباحث، فَهُوَ خَاتِمَة الْمُحَقِّقين وَمن حلف لَا يَأْتِي بِمثلِهِ كَانَ غير حانث، وَإِن من أَنْجَب بِهِ ابْن عراق غريق فِي الْعُلُوم فَلَا بدع أَن يسمو بِهن ويعتلى، ولعمر الله لَا يُنكر هَذَا الْفَيْض لمن مدده من وسمى ذَلِك الْوَلِيّ، ونوره مقتبس من تِلْكَ الشَّمْس الَّتِي عَم الْآفَاق والأقطار ضوؤها الْجَلِيّ، وَهل يرتاب أحد فِي عُلُوم مُحَمَّد، إِذا انْتَقَلت إِلَى وَصِيّه عَليّ، أما صناعَة المنثور والمنظوم، فَهِيَ عِنْده من فضلات الْعُلُوم، وفكره لم يزل يطلع من بدائعها مَا يغار مِنْهُ دراري النُّجُوم، لقد أثنت عَلَيْهِ الْأَلْسِنَة وَلَو سكتوا أثنت عَلَيْهِ الحقائب، ونوره بفضله اتَّضَح لأولي الْأَبْصَار بشريف صِفَاته والمناقب، وَشهِدت دروسه وفتاويه بِأَن رتبته فِي الْعلم تطامنت لأخمصها الشهب الثواقب، وَقَالَ الْعباب مَا أَنا إِلَّا قَطْرَة فِي بَحر هَذَا الْبَحْر الَّذِي أبرز من عويص مخبآت الْعَجَائِب، فَهُوَ مرجع الْأَئِمَّة الْإِثْبَات، فَالله تَعَالَى يجمل بِهِ الْإِسْلَام ويزيده إجلالا وإخبات، وَلما اتّفقت الْكَلِمَة على مدحه أَحْبَبْت أَن أمدحه بِأَبْيَات، وَهَذِه هِيَ الأبيات:

(الله آتاك فضل الْعلم وَالْعَمَل ... وَإِن ذَلِك أقْصَى غَايَة الأمل)

(يَا وَارِث الْعلم عَن خير الْأَنَام لقد ... أَحييت سنته بعد انتها الْأَجَل)

(وصنت أَقْوَاله وَهِي الجديرة أَن ... تصان عَن مين أهل الزيغ والزلل)

(أدْركْت فِي صونها مَا فَاتَ طَائِفَة ... مِمَّن تقدم من أعلامنا الأول)

(تقدموك على تَفْضِيلهمْ وَلَقَد ... أَتَى فدا لَك لما جِئْت بالجمل)

(لله فِي الْخلق آثَار تدق وَلَا ... نَكِير إِذْ جمع الْأَسْرَار فِي رجل)

(مواهب لَك وَقت النَّاس قد خبئت ... فِي لوحك الْمُودع الْمَحْفُوظ بالأزل)

(فَمن يساميك لَا يَنْفَكّ مستفلا ... وآنت أَنْت على رغم الحسود عَليّ)

(وانت فِي الْعلم بَحر لَا انْتِهَاء لَهُ ... وَأَنت أشبه وَقت الْحلم بِالْجَبَلِ)

(والخلق مِنْك حكته رَوْضَة أنف ... يفتر أكمامها عَن زهرها الخضل)

(وَلم تكن عنْدك الدُّنْيَا لَهَا خطر ... فَلَيْسَ إهمالك الدُّنْيَا من الخطل)

(لَو أَن زهرتها فِي الْكَفّ مِنْك وَقد ... سئلتها كنت تعطيها وَلم تسل)

(عَطاء من لم يضق صَدرا بقلتها ... وَلَا بكثرتها تلفيه ذَا جذل)

(وَقد صفا الْقلب مِنْهُ عَن تكدرها ... لما تولاه قطب الْوَقْت خير ولى)

<<  <  ج: ص:  >  >>