للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[لا ضرر ولا ضرار]

الحياة الزوجية شرمة عالية الروابط أخذ كل من الزوجين على الآخر ميثاقاً غليظاً. فلا بُدَّ أن تبقى في ظلال هذا الميثاق.

بيَّن القرآن فيها ما على كل طرف وماله بالمعروف. {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} "٢٢٨ سورة البقرة" وكرر القرآن ضرورة أداء كل واحد من الزوجين واجبة بالمعروف في الحب وفي الكره. {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} "١٩ سورة النساء"

حتى عندما تنتهي الحياة الزوجية بالطلاق {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} "٤٩ الأحزاب" والحياة الزوجية - كما قلت - حقوق وواجبات النفقة والسكنى والحقوق المادية شغلت مساحة واسعة من كتب الفقه.

والحقوق الزوجية الأخرى لا تقل في أهميتها وفي اهتمام علماء الإسلام بها عن هذه الحقوق.

لقد كره العلماء أن يجهد الزوج نفسه في العبادة حتى تضعفه العبادة عن القيام بحق الزوجة من الكسب لها ومعاشرتها. حتى قال الإمام مالك: إن كان هجرها بغير ضرورة أُلزم به أي بالجماع والمعاشرة أو يفرق بينهما (صحيح البخاري بشرح العسقلاني حـ ٩ ص ٢٩٩)

وإذا كان المبيت عندها يفضى عادة إلى جماعها فإن عمر بن الخطاب أقر قضاء كعب بن سوار بإلزام رجل أن يبيت عند زوجته ليلة كل أربع ليال، وعلق بن قدامة الحنبلي على هذه القضية بأنها انتشرت فلم ينكرها أحد فكانت إجماعاً (المغني حـ ٧ ص ٢٩) وناقشوا المدة التي يجب أن يباشرها الزوج فيها، قال ابن حزم "وفرض على الرجل أن يجامع امرأته، وأدنى ذلك مرة كل طهرٍ، إن قدر على ذلك، وإلا فهو عاص لله تعالى وبرهان ذلك {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} "الآية ٢٢٢ سورة البقرة ثم قال ويجبر على ذلك من أبى بالأدب لأنه أتى منكراً من العمل" المحلي حـ ١٠ ص ٤٠ ورأى العلماء أن الأمر في الآية للإباحة، وليس للوجوب، وقال بعضهم يجب

<<  <   >  >>