للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجارتنا إنا غريبان ههنا ... وكل غريب للغريب نسيب

وقوله كلابس ثوبي زور يتأول على وجهين أحدهما أن الثوبين ههنا كأنه كناية عن حاله ومذهبه، وقد تكني العرب بالثوب عن حال لابسه وعن طريقه ومذهبه كقول الشاعر:

وإني بحمد الله لا ثوب غادر ... لبست ولا من ريبة أتقنع

والمعنى أن المتشبع بما لم يعط بمنزلة الكاذب القائل ما لم يكن.

والوجه الآخر ما يروى عن فلان أنه كان يكون في الحي الرجل له هيئة ونبل فإذا احتيج إلى شهادة زور شهد بها فلا يرد من أجل نبله وحسن ثوبيه فأضيف الشهادة إلى ثوبيه إذ كانا سبب جوازها ورواجها.

[ومن باب في المزاج]

قال أبو داود: حدثنا إبراهيم بن مهدي حدثنا شريك عن عاصم عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ذا الأذنين.

قال الشيخ: كان مزح النبي صلى الله عليه وسلم مزحاً لا يدخله الكذب والتزيد وكل إنسان له أذنان فهو صادق في وصفه إياه بذلك.

وقد يحتمل وجهاً آخر وهو أن لا يكون قصد بهذا القول المزاح وإنما معناه الحض والتنبيه على حسن الاستماع والتلقف لما يقوله ويعلمه إياه، وسماه ذا الأذنين إذ كان الاستماع إنما يكون بحاسة الأذن، وقد خلق الله تعالى له أذنين يسمع بكل واحدة منهما وجعلهما حجة عليه فلا يعذر معهما إن أغفل الاستماع له ولم يحسن الوعي له والله أعلم.

قال أبو داود: حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى عن ابن أبي ذئب عن عبد الله

<<  <  ج: ص:  >  >>