للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيصير ذلك بمنزلة السحر الذي هو أو نوع منه تخييل لما لا حقيقة له وتوهيم لما ليس له محصول والسحر منه مذموم وكذلك المشبه به.

وقال آخرون بل القصد به مدح البيان والحث على تخير الألفاظ والتأنق في الكلام. واحتج لذلك بقوله إن من الشعر لحكماً وذلك ما لا ريب فيه أنه على طريق المدح له وكذلك مصراعه الذي بإزائه لأن عادة البيان غالباً أن القرينين نظماً لا يفترقان حكماً.

وروي عن عمر بن عبد العزيز أن رجلاً طلب إليه حاجة كان يتعذر عليه إسعافه بها فرقق له الكلام فيها حتى استمال به قلبه فأنجزها له ثم قال هذا هو السحر الحلال.

قال أبو داود: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا سعيد بن محمد حدثنا أبو تميلة حدثنا أبو جعفر النحوي عبد الله بن ثابت حدثني صخر بن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من البيان سحراً وإن من العلم جهلاً، وإن من الشعر حُكْمًا، وإن من القول عيالاً.

فقال صعصعة بن صوحان صدق نبي الله صلى الله عليه وسلم.

قال الشيخ: أما قوله إن من البيان سحراً فالرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بحجته من صاحب الحق فيسحر القوم ببيانه فيذهب بالحق.

وأما قوله إن من العلم جهلاً فيتكلف العالم إلى علمه ما لا يعلم فيجهله ذلك.

وأما قوله إن من الشعر حُكْمًا فهي هذه المواعظ والأمثال التي يتعظ بها الناس.

وأما قوله إن من القول عيالاً فعرض كلامك أوحديثك على من ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>