للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البائع فللمشتري فيه الخيار.

[ومن باب النهي عن بيع حاضر لباد]

قال أبو داود: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حَدَّثنا محمد بن ثور عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد فقلت ما يبيع حاضر لباد قال لا يكون له سمساراً.

قال الشيخ قوله لا يبيع حاضر لباد كلمة تشتمل على البيع والشراء، يقال بعت الشيء بمعنى اشتريت، قال طرفة:

ويأتيك بالأخبار من لم تبع له ... بتاتاً ولم تضرب له وقت موعد

أي لم تشتر له متاعاً، يقال شريت الشيء بمعنى بعته والكلمتان من الأضداد قال ابن مفرْع الحميري:

وشريت برداً ليتني ... من بعد بردٍ كنت هامه

يريد بعت برداً وبرداً غلامه باعه فندم عليه، وفسر ابن سيرين قوله لا يبيع حاضر لباد على المعنيين جميعاً، وقال هي كلمة جامعة لا يبيع له شيئا ولا يشتري له شيئا، ولذلك قال لا يكون له سمساراً لأن السمسار يبيع ويشتري للناس. ومعنى هذا النهي أن يتربص له سلعته لا أن يبيعه بسعر اليوم، وذلك أن البدوي إذا جلب سلعة إلى السوق وهو غريب غير مقيم باعها بسعر يومه فينال الناس فيها رفقا ومنفعة، فإذا جاءه الحضري فقال له أنا أتربص لك وأبيعها، وحرم الناس ذلك النفع فاتهم ذلك الرفق؛ وقد قيل إن ذلك إنما يحرم عليه إذا كان في بلد ضيق الرقعة إذا باع الجالب متاعه اتسع أهلها وارتفقوا به. فإذا لم يبعه تبين به أثر الضيق عليهم وخيف منه غلاء السعر فيهم، فأما إذا كان البلد واسعا

<<  <  ج: ص:  >  >>