للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«ارجع فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرَّهمَا» .

وقال الحسن البصري (١) -رحمه الله-: «إذا أذنَتْ له أُمُّه في الجهاد، وعلِمَ أنَ هواها أن يجلس؛ فليجلس» . وقيل للأوزاعي (٢) فيمن غزا بإذن والديه، واشترطا عليه أن لا يقاتل، فلقوا العدو، فقال: «لا طاعة للوالدين في ترك الفرائض، والجُمع، والحجِّ، والقتال» ، وهذا صحيح (٣) كما تقدم؛ وذلك أن القتال يتعيَّن عند لقاء العدو، فلم يكن للوالدين ثَمَّ طاعة.

واختلفوا في الأبوين إذا كانا مشركين؛ فقيل: لا يغزو إلا بإذنهما؛ لعموم الأمر في ذلك، رُوي ذلك عن سفيان الثوري (٤) . وقال به سحنون (٥) وغيره، قيل: إلا أن يكون يعلم أنهما يمنعانه لعداوة الإسلام. وقال الشافعي (٦) : له أن يغزو بغير إذنهما إذا كانا مشركين، فَخُصِّص الأمر في ذلك بالمسلمين.

قال ابن المنذر (٧) : والأجداد آباء، والجدَّات أمهات، فلايغزُ المرء إلا بإذنهم.


(١) أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٥/١٧٦ رقم ٩٢٨٨) ، وانظر: «النوادر والزيادات» (٣/ ٢١-٢٢) ، و «فقه الحسن البصري» (١/١٠٧، ٣٠٢) .
(٢) انظر: «المغني» (١٣/٢٦-٢٧- ط. هجر) ، «فقه الإمام الأوزاعي» (٢/٣٩٣) .
(٣) وهذا أظهر قولي الشافعية، وبه قالت الحنابلة، انظر: «مغني المحتاج» (٤/٢١٨) ، «كشاف القناع» (٣/٤٠) .
(٤) انظر: «المغني» (١٣/٢٦) ، و «النوادر والزيادات» (٣/٢٣) ، واختاره ابن المنذر.
(٥) «النوادر والزيادات» (٣/٢٣) ، «حاشية الخرشي» (٤/١١-١٢) ، «بلغة السالك» (١/ ٣٥٦) ، «الفواكه الدواني» (١/٦٢٧) . وقاله الأوزاعي -أيضاً-، وهو مذهب الحنفية، انظر: «البحر الرائق» (٥/١٢٢) ، «شرح السير الكبير» (١/١٣٥) ، «حاشية ابن عابدين» (٦/٢٠٢) ، «أحكام الإذن» (٢/٦٢١) ، «أحكام المجاهد بالنفس» (١/٣١٨-٣٢٣) .
(٦) انظر: «مختصر المزني» (ص ٢٦٩) ، «الحاوي الكبير» (١٨/١٣٤، ١٣٦) ، «المهذب» (٢/٢٢٩) ، «روضة الطالبين» (١٠/٢١١) ، «تحرير الأحكام» لابن جماعة (ص ١٥٨) ، «حلية العلماء» (٧/٦٤٦) .
وهومذهب الحنابلة. انظر: «المغني» (١٣/٢٦) . وهذا إذا كان الجهاد فرض كفاية.
(٧) لعلَّه في «الأوسط» (القسم المفقود منه) . وسوَّى كذلك بينهم أبو حنيفة، خلافاً للمالكية، =

<<  <   >  >>