للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل (١): هو سألَ العصمةَ من الاعتقادات المانعة من الإيمان، وهي إما شكّ وإما ظنّ وإما وهم، وغرضُه بذلك ما يذكره طائفة من السالكين من أنَّ النفسَ إذا زُكِّيَت عن الصفات المذمومة وحُلَّت (٢) بالصفات الممدوحة انتقشت فيها العلومُ والمعارف، كما يذكر ذلك صاحبُ الكتب المضنون بها وغيره في «الإحياء» (٣) وغيره.

قيل: الجواب في مقامين:

أحدهما: أنَّ هذا ليس مطلوب الداعي (٤) لوجوه:

أحدها: أن هذه الطريق فيها اجتناب الأخلاق والأفعال المذمومة (٥)، ففيها ترك الإرادات المذمومة لا مجرَّد ترك الاعتقادات الفاسدة، وهذا الداعي إنما طلب العصمة من جنس الاعتقادات، وهو الشكّ والظنّ والوهم. فإن الاعتقاد الذي ليس بجازم (٦)؛ إما راجح، وإما مرجوح، وإما مساوي (٧). فطائفة من النُّظَّار يسمُّون الراجِحَ ظنًّا، والمرجوحَ وهمًا، والمُساويَ شكًّا. وهو اصطلاح أبي عبد الله الرازي (٨) وغيره.


(١) وهذا هو الاحتمال الثاني لمعنى (الشكوك ... ) وتقدم الأول (ص ٥٧).
(٢) في (ت): «وجُليت».
(٣) انظر «الإحياء»: (١/ ٣١ و ٣/ ٢١).
(٤) العبارة في (ت): «ليس هو مطلوب هذا الداعي».
(٥) من (ت).
(٦) (م): «بجائز»، والصواب ما في (ت).
(٧) (ت): «متساوي».
(٨) انظر «المحصول»: (١/ ١٢) للرازي.