للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان هذا أمرًا اصطلاحيًّا وأكثر الفقهاء يقولون: ليس هو (١) اللغة العامة العربية التي بها نزل القرآن، وخاطبنا الرسولُ، بل قد يجعلون الشكَّ مقارنًا (٢) للظنِّ الراجح، كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا شكَّ أحدُكُم في صلاته فلم يَدْر أثلاثًا صلى أم أربَعًا، فليَطْرَح الشكَّ، وليَبْنِ على ما استيقن» (٣)، وفي الحديث الآخر: «فَلْيتحرَّ الصوابَ» (٤).

وكذلك مسائل الشكّ التي تكلَّم (٥) فيها الفقهاء، كقولهم: إذا شكَّ هل أحدَث أم لا؟ وإذا شك هل طلَّق أم لا؟ وإذا اختلط الطاهر بالنجس وشكَّ في عين الطاهر، ونحو ذلك، فإنَّ هذه العبارة عندهم تتناول الراجح والمرجوحَ والمُساويَ، ولهذا يقول بعضهم: إنه يتحرى، ويقول الآخر: إنه لا يتحرَّى، فالتحرِّي عندهم يُجامع الشكَّ مع أنَّ التحرِّي لابدَّ فيه من ظنٍّ راجح، وهذا مبسوطٌ في موضعه (٦).

والمقصود هنا أن هذا الدَّاعي طلبَ نَفْي ما ليس جازمًا من الشكّ والظن والوهم دون الجازم منها وإن كان غير مطابق، ودون الإرادات الفاسدة، والأعمال الفاسدة.


(١) (م): «وأن هذا أمر اصطلاحي ليس هو ... ».
(٢) (م): «خاطبنا الرسول ولغة الفقهاء بل الشك مقارن» والمثبت من (ت).
(٣) أخرجه مسلم (٥٧١) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٤) أخرجه البخاري (٤٠١)، ومسلم (٥٧٢) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.
(٥) (ت»: «يتكلم».
(٦) انظر «الفتاوى»: (٢٣/ ٧ - ٩).