للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يُرِد بذلك ما تظنه طائفةٌ من أهل الكلام أنه أراد (١) مجرَّد إثبات العِلْم بالصانع بدلائل الآفاق والأنفس (٢)، فإن إثبات الصانع كان قد بَيَّن أدِلَّتَه قبل نزول هذه الآية، وقد قال في هذه الآية: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا}، وهذا وعدٌ مستقبل. وما دلَّ على الصانع وحدَه معلومٌ قبل نزول الآية، ولأن الضمير في قوله: {أَنَّهُ الْحَقُّ} عائد على القرآن، كما يدلُّ عليه السياق.

ومن هذا الغلط ظنَّ بعضهم أن المراد بدلائل الآفاق والأنفس الطريق النظرية، وهو الاستدلال بالأثر على المؤثِّر، والمراد بقوله: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: ٥٣] الاستدلال بالأثر على المؤثِّر، حتى ظنَّ ابنُ سينا ونحوه أن طريقتهم في إثبات واجب الوجود بمجرَّد الوجود هو مدلول هذه الآية (٣).

وآخرون من المتصوِّفة ظنوا أن طريقتهم في أنهم يعرفون الرب ابتداء، ثم يعرِفُون به المخلوقات [ت ٢٤] هو مدلول الآية. والآية دالّة (٤) على أن (٥) شهادة الله بصدق القرآن كافية عن الآيات العيانية [م ١٣] التي سنريهم إياها في


(١) من (ت).
(٢) العبارة في (ت): «مجرّد آيات العلم بالصانع بدلائل الأنفس والآيات»، «آيات» الأولى مصحفة عن «إثبات»، والثانية مصحفة عن «الآفاق».
(٣) انظر كلامهم وجواب المصنف في «الفتاوى»: (٣/ ٣٣١)، و «الدرء»: (٣/ ١٣٣ - ١٣٥) رد فيه على الشهرستاني، و «الجواب الصحيح»: (٦/ ٣٧٨ - ٣٧٩).
(٤) (م): «دلت».
(٥) «أن» سقطت من (م).