للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُحتاج فيه أن تُبْتذَل فيه آياتُ الله وأسماؤه هذا الابتذال.

الوجه الثامن: أنَّ هذا الدعاء لو كان سائغًا مشروعًا لم يكن مشروعًا إلا لمن يقصدُ ركوبَ البحر، فأما الدعاء به في المساجد والبيوت وغيرها من غير ركوب البحر، فإنه لا يفعله إلا جاهل لا يفقه ما يقول، أو يستهزئ بالله، وعلى التقديرين (١) فيستحقّ العقوبةَ على ذلك، كمن يقول وهو لا يريد الركوب: «اللهم سَخِّر هذا الفيل وهذا الجمل وهذا الفَرَس والبغل والحمار» وليس هناك شيءٌ من الدواب، ولا هو يقصد ركوبَه! فإنَّ هذا إمَّا جاهل بما يقول أو مستهزئ بمن يناجيه!

أو يقول ــ ولا طعام عنده وهو لا يريد الأكل ــ: «اللهم أطعمني من هذا الطعام».

الوجه التاسع: أن هذا فيه انتزاع آيات من القرآن ووضعها في غير موضعها، وآيات أنزلت لمعاني استُعْمِلت في غير تلك المعاني، وهذا إن كان سائغًا فيسوغ بقدر الحاجة، فأما أن يُجْعَل ذلك حِزْبًا [م ١٨] يُتلى كما يُتلى القرآن، ويُجْتَمع (٢) عليه في أوقات معتادة، فهذا لا يسوغ (٣).

وقد تنازع الناسُ في قراءة «آيات الحَرَس» (٤) مع أنها قرآنٌ محض لم


(١) (ت): «كل تقدير».
(٢) (م): «ويجمع».
(٣) صنف في الاقتباس غير واحد منهم السيوطي في رسالة ضمن «الحاوي»: (١/ ٢٥٩ - ٢٨٤)، ورسالة «الاقتباس أنواعه وأحكامه» للعسكر.
(٤) وهي آيات تُجْمع وتُخَص بالقراءة وتسمى «آيات الحرس». وقد اعتاد بعض المشايخ على قراءتها، انظر «السير»: (٢٢/ ٧)، و «ذيل طبقات الحنابلة»: (٣/ ١١٣، ٤/ ١٧٧)، وقد عدَّها أبو شامة المقدسي من البدع، وأنها لا أصل لها، في كتابه «الباعث على إنكار البدع والحوادث» (ص ٢٦١).